لمن أحاط بأطراف المسألة ، وخصوصا بعد ذكر الشيخ في ما حكي عنه ذلك احتمالا ، بل هو الذي اختاره في المسالك.
( و ) أما ما ذكره المصنف من أنه ( يحتمل هذا وجها آخر ، وهو تخير الولي في تصديق أيهما شاء ، كما لو أقر اثنان كل واحد بقتله منفردا ) فهو وإن كان محكيا عن ابن إدريس ـ محتجا عليه بقوله تعالى (١) ( فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) إذ نفي القتل عنهما ينافي ذلك ، وبأن البينة قائمة على كل منهما بوجوب القود فلا وجه لسقوطه ، وبأنا قد أجمعنا على أنه لو شهد اثنان على واحد بأنه القاتل فأقر آخر بالقتل يتخير الولي في التصديق والإقرار كالبينة ـ لكنه كما ترى ، ضرورة دلالة الآية على ثبوت السلطان للولي مع علم القاتل لا في مثل المقام الذي لا إشكال في كونه إسرافا في القتل إذا قتلهما ، خصوصا مع براءة أحدهما ، بل وكذا لو قتل أحدهما المحتمل أنه بريء ، والبينتان قد كذبت كل منهما الأخرى ، والإجماع الذي ذكره مع أنه ممنوع لا يمكن قياس المقام عليه بعد حرمته في مذهبنا ( و ) لذا قال المصنف ( الأول أولى ) وقد عرفت البحث فيه.
هذا وللمصنف تفصيل في نكتب النهاية تبعه عليه تلميذه الآبي في كشف الرموز وأبو العباس في ما حكي عنه والمقداد ، بل كأنه مال إليه الشهيدان ، فإنه بعد أن أورد كلام السائل عن عبارة النهاية موردا عليها بأنه لم يعمل بشيء من الشهادتين فإيجاب الدية عليهما حكم بغير بينة ولا إقرار ، ثم الشهادة ليست بأنهما اشتركا ، قال : « الجواب الوجه أن الأولياء إما أن يدعوا القتل على أحدهما أو يقولوا : لا نعلم ، فان ادعوه على أحدهما قتلوه ، لقيام البينة على الدعوى ، وتهدر البينة الأخرى ،
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ ـ الآية ٣٣.