الحلف المقتضي لعلمه بما حلف عليه ، وفرض عروض الشك له بعد الإقرار والإتيان بالقسامة يقتضي عدم الرجوع على الأول أيضا ، لأن الثابت من صحة القسامة الأخذ بها لمن هو باق على مقتضاها.
وفي المسالك بعد أن حكى عن الشيخ التخيير لليمين والإقرار قال : « وأجيب عن الأول بأن كذب الحالف ممكن ، وإكذابه إنما لم يسمع إذا تضمن إنزال ضرر بالغير لا بمجرد إقرار ذلك الغير ، وهنا لم يضرب الثاني بغير إقراره ، ولأنه لو أقر بقبض وديعته من المستودع فأنكر ثم رجع عن إقراره كان له مطالبة المستودع لاعترافه ، ولو أقر له بشيء فأنكر تملكه ثم عاد وادعاه قبل ، فحينئذ لا تنافي بين الإقرار بالمنافي وبين الرجوع عنه ـ ثم قال : وفيه نظر ، لأن غاية هذا أن يجوز الرجوع على الثاني ، أما التخيير بمجرد الشهوة فلا ، نعم لو أكذب نفسه وأراد الرجوع على المقر ينبغي أن لا يمنعه الشارع ، لتمكين المقر له بإقراره كنظائره السابقة وغيرها ، وعلى التقديرين إذا أكذب نفسه وجب عليه رد ما أخذه من المحلوف عليه وإن لم نقل برجوعه على المقر ، لاعترافه بعدم استحقاقه شيئا على الأول » وقد تبع بذلك كله ما في غاية المراد ، ومرجعه في الحقيقة إلى عدم التخيير.
وفي كشف اللثام جعل التخيير بين أن يصدقه ويكذب نفسه وبين أن يكذبه ويثبت على ما كان عليه ، لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، فإذا أكذب نفسه فقد أقر بعدم استحقاق شيء على الأول ، ولما أقر الثاني بالقتل أخذ بإقراره.
والجميع كما ترى مناف لظاهر التخيير المقتضى جواز رجوعه على كل منهما نحو البينتين والإقرارين ، وذلك لا يتم إلا إذا قلنا بعدم اعتبار الحلف من الولي وأن له الأخذ بوقوعها من قومه مثلا أو مع غيرهم ممن