وفي محكي الخلاف « لا ينبغي أن يقتص بنفسه ، لأن ذلك للإمام عليهالسلام أو من يأمره بلا خلاف » وعن الغنية ولا يستقيد إلا سلطان الإسلام أو من يأذن له في ذلك ، وهو ولي من ليس له ولي ، إلى أن نفى الخلاف في ذلك كله ، وفهم منهما بعض الناس اعتبار الإذن مائلا إليه ، وهو القول الآخر المحكي عن المقنعة والمهذب وموضع آخر من المبسوط واختاره الفاضل في القواعد.
ولعل وجهه ما سمعته من الغنية والخلاف وما في بعض الأخبار من الاشعار ـ كما في الرياض ـ وهو قول الباقر عليهالسلام (١) : « من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة » وقريب منه غيره مؤيدا بالاحتياط وبما قيل من أنه يحتاج في إثبات القصاص واستيفائه إلى النظر والاجتهاد ، ولاختلاف الناس في شرائطه وفي كيفية استيفائه ، لخطر أمر الدماء.
وإن كان هو كما ترى ، ضرورة كون المفروض اعتبار الاذن بعد العلم بحصول مقتضى القصاص ، وعلم المستوفي بالشرائط عند مجتهده على وجه لم يفقد إلا الاذن ، والاحتياط غير واجب المراعاة عندنا ، ونفي الخلاف المزبور غير محقق المعقد ، لاحتمال إرادة الكراهة منه ، بل قيل : إنه الظاهر. قلت : خصوصا بعد أن كان المتجه المحكي عنه فيه عدم التعزير على ذلك ، ولو كان محرما وجب التعزير عليه ، وعلى تقديره فهو موهون بمصير أكثر المتأخرين إلى خلافه ، وبأنه ليس بحجة ، وكذا الكلام في معقد نفي الخلاف في الغنية الذي هو في نفسه غير موثوق به ولا بإرادة الإجماع منه على المطلوب ، بل قيل : إنه ظاهر في خصوص من اعتاد قتل العبيد وأهل الذمة الذي هو من الحدود لا القصاص ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب القصاص في النفس ـ الحديث ٨.