إليه وذلك أنّ المسح على الرّأس والرّجلين ناطق بهما الكتاب ؛ وكانت روايتكم الكاذبة أوثق عندكم من القرآن النّاطق فصدّقتم بما لا تدرون لعلّه من المنافقين الّذين ذكرهم الله فقال : ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (١) فتركتم فرض الوضوء لقولهم ؛ فتركتم ما لا تشكّون (٢) أنّ الله أنزله فلم يوحشكم ذلك ولم ـ يقبح عندكم.
وأجمعتم (٣) على كذبة كذّب بها على أهل الحقّ فجعلتموها إماما وافتتاحا لصلاتكم فى قولكم : وتعالى جدّك ؛ وقد قال الله عزّ وجلّ : ( فَبَشِّرْ عِبادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٤) أولم يخبرنا عن ابراهيم ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٥) وقد أمر نبيّنا ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (٦) وحكى الله عزّ وجلّ عن الجنّ حكاية قالوها : ( وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ) (٧) فلا قول ابراهيم ـ عليهالسلام ـ استحسنتم ولا به اقتديتم ، ولا بقول الله تعالى لنبيّه (ص) رضيتم ، بل اخترتم واستحسنتم واتّبعتم قول الجنّ ؛ هكذا كان استفتاح عمر بن الخطّاب واقتديتم به دون ابراهيم ومحمّد صلّى الله عليهما وآلهما.
وأجمعتم (٨) على السّجدات فى الفرائض فصرتم تسجدون فى الفريضة اذا كانت السّجدة فى وسط السّورة واذا كانت فى آخرها لم تسجدوا وزعمتم أن تسجدوا وتدعوا السجود فاذا كان يجوز أن تسجدوا وتدعوا [ السّجود ] فقد يجوز أن لا تسجدوا فى
__________________
(١) آية ١٤ و ١٥ سورة البقرة.
(٢) فى الاصل : « لا تسألون ».
(٣) فى الاصل : « واجتمعتم ».
(٤) ذيل آية ١٧ وتمام آية ١٨ سورة الزمر.
(٥) آية ٧٩ سورة الانعام.
(٦) آيتا ١٦٢ و ١٦٣ سورة الانعام.
(٧) آية ٣ سورة الجن.
(٨) فى الاصل : « واجتمعتم ».