ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب قال : لقد قتل باليمامة قوم يقرءون قرآنا
__________________
قوما بالطوفان ، وعذب قوما بالضفارع كما عذب آخرين بالحجارة ، وأهلك نمروذ ببعوضة وغرق اليمن بفأرة.
وأما قولهم : كيف يكمل الدين وقد أرسل ما أبطله؟!
فان هذه الآية نزلت عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم حجة الوداع حين أعز الله تعالى الاسلام وأذل الشرك وأخرج المشركين عن مكة فلم يحج فى تلك السنة الا مؤمن ، وبهذا أكمل الله تعالى الدين وأتم النعمة على المسلمين فصار كمال الدين هاهنا عزه وظهوره وذل الشرك ودروسه لا تكامل الفرائض والسنن لانها لم تزل تنزل الى أن قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهكذا قال الشعبى فى هذه الآية. ويجوز أن يكون الاكمال للدين برفع النسخ عنه بعد هذا الوقت.
وأما ابطاله اياه فانه يجوز أن يكون أنزله قرآنا ثم أبطل تلاوته وأبقى العمل به كما قال عمر ـ رضى الله عنه ـ فى آية الرجم وكما قال غيره فى أشياء كانت من القرآن قبل ان يجمع بين اللوحين فذهبت ، واذا جاز ان يبطل العمل به وتبقى تلاوته جاز ان تبطل تلاوته ويبقى العمل به ، ويجوز أن يكون أنزله وحيا إليه كما كان تنزل عليه أشياء من أمور الدين ولا يكون ذلك قرآنا كتحريم نكاح العمة على بنت أخيها ، والخالة على بنت أختها ، والقطع فى ربع دينار ، ولا قود على والد ولا على سيد ، ولا ميراث لقاتل. وكقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يقول الله تعالى : « انى خلقت عبادى جميعا حنفاء » ، وكقوله يقول الله عزّ وجلّ : من تقرب الى شبرا تقربت منه ذراعا ؛ وأشباه هذا ، وقد قال عليهالسلام اوتيت الكتاب ومثله معه ؛ يريد : ما كان جبريل عليهالسلام يأتيه به من السنن وقد رجم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجم الناس بعده وأخذ بذلك الفقهاء.
فأما رضاع الكبير عشرا ؛ فنراه غلطا من محمد بن اسحاق ولا نأمن أيضا أن يكون الرجم الّذي ذكر أنه فى هذه الصحيفة كان باطلا لان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم