__________________
قال : قدمت المدينة فى يوم ريح وغبرة واذا الناس يموج بعضهم فى بعض فقلت : ما لى أرى الناس يموج بعضهم فى بعض؟! فقالوا : أما أنت من أهل هذا البلد؟ فقلت : لا ، قالوا : مات اليوم سيد المسلمين أبى بن كعب.
أخبرنا عفان بن مسلم قال : أخبرنا جعفر بن سليمان قال أخبرنا أبو عمران الجونى عن جندب بن عبد الله البجلي قال : أتيت المدينة ابتغاء العلم فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا الناس فيه حلق يتحدثون فجعلت أمضى الحلق حتى أتيت حلقة فيها رجل شاحب عليه ثوبان كأنما قدم من سفر قال فسمعته يقول : هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ولا آسى عليهم ؛ أحسبه قال مرارا ، قال : فجلست إليه فتحدث بما قضى له ثم قام قال : فسألت عنه بعد ما قام قلت : من هذا؟ قالوا : هذا سيد المسلمين أبى بن كعب قال : فتبعته حتى أتى منزله فاذا هو رث ـ المنزل رث الهيئة فاذا رجل زاهد منقطع يشبه أمره بعضه بعضا فسلمت عليه فرد على السلام ثم سألنى ممن أنت؟ قلت : من أهل العراق قال : أكثر منى سؤالا قال لما قال ذلك غضبت قال : فجثوت على ركبتى ورفعت يدى هكذا وصف حيال وجهه فاستقبلت القبلة قال قلت : اللهم نشكوهم أليك انا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فاذا لقيناهم تجهموا لنا وقالوا لنا ، قال : فبكى أبى وجعل يترضانى ويقول : ويحك لم أذهب هناك لم أذهب هناك قال ثم قال : اللهم انى أعاهدك لئن أبقيتنى الى يوم الجمعة لا تكلمن بما سمعت من رسول الله لا أخاف فيه لومة لائم قال لما قال ذلك انصرفت عنه وجعلت انتظر الجمعة فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتى فاذا السكك غاصة من الناس لا أجد سكة إلا يلقاني فيها الناس قال قلت : ما شأن ـ الناس؟ قالوا انا نحسبك غريبا قال قلت : أجل ، قالوا : مات سيد المسلمين أبى بن كعب قال جندب فلقيت أبا موسى بالعراق فحدثته حديث أبى ، قال : والهفاه لو بقى حتى تبلغنا مقالته ».
قال الحاكم فى المستدرك فى كتاب التفسير ( ج ٢ ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ) : « أخبرنا ابراهيم بن عصمة بن ابراهيم العدل حدثنا السرى بن خزيمة حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشى حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا أبو عمران الجونى عن جندب قال : أتيت المدينة لا تعلم العلم فلما دخلت مسجد رسول الله اذا الناس فيه حلق أقول : فساق الحديث الاخير الّذي نقله ابن سعد فى الطبقات الى آخره قريبا منه وقال بعده : « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ».