امّا بعد
( الاختلاف والنظر )
فانّا نظرنا فيما اختلفت فيه الملّة (١) من أهل القبلة حتّى كفّر بعضهم بعضا وبرئ بعضهم من بعض وكلّهم ينتحل الحقّ ويدّعيه فوجدناهم فى ذلك صنفين لا غير ، فأحدهما المتّسمون (٢) بالجماعة المنتسبون الى السّنّة وهم فى ذلك مختلفون فى أهوائهم وأحكامهم وآرائهم ، وحلالهم وحرامهم ؛ وبعضهم فى ذلك راض ببعض يجيزون شهاداتهم ويصلّون خلفهم ويقبلون (٣) الاحاديث عنهم ويزكّونهم غير أنّهم قد أجمعوا على خلاف الصّنف الآخر وهم الشّيعة فلم يقبلوا شهاداتهم ولم يزكّوهم ولم يصلّوا خلفهم ولم يقبلوا الأحاديث عنهم.
التمييز بين الصنفين
فنظرنا فيما الصّنف الأوّل عليه مقيمون وبه متمسّكون وبه يدينون ؛ الّذي تسمّوا له بالجماعة وانتسبوا به الى السّنّة فوجدناهم يقولون (٤) : انّ الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّه محمّدا ـ صلىاللهعليهوآله ـ الى خلقه بجميع ما يحتاجون إليه من أمر دينهم وحلالهم وحرامهم ودمائهم ومواريثهم وفروجهم ورقّهم وسائر أحكامهم
__________________
(١) ح س ج مث مج : « أهل الملة ».
(٢) م : « المسمون ».
(٣) م : « ينقلون ».
(٤) قال العالم الربانى محمد بن مرتضى المعروف بالفيض القاسانى (ره) فى أوائل الاصل الاول من كتابه الاصول الاصيلة ( ص ٥ من النسخة المطبوعة ) وكذا فى أوائل الفصل العاشر من كتابه سفينة النجاة ( ص ١٠٣ من النسخة المطبوعة ) : « قال ابو محمد الفضل بن شاذان النيسابورى ( الى ان قال ) فى كتابه المسمى بالايضاح فى القوم المتسمين بالجماعة المنسوبين الى السنة : انا وجدناهم يقولون ( فساق الكلام الى قوله ) ويحرم بعضهم ما يحله بعض ».