وروى عبيد بن اسحاق العطّار عن عاصم بن محمّد العمرىّ قال : حدّثني زيد بن أسلم عن أبيه قال : بينا عمر بن الخطّاب بعرض (١) اذ هو برجل معه ابنه فقال له عمر : ما رأيت غرابا بغراب أشبه (٢) من هذا بك فقال : يا أمير المؤمنين والله ما ولدته أمّه الاّ ميتة ؛ فاستوى عمر جالسا فقال : ويحك حدّثني ، قال : خرجت فى غزاة وأمّه حامل به فقالت : تخرج وتدعنى على هذه الحال حاملا مثقلا!؟ قلت : أستودع الله ما فى بطنك ؛ فغبت ، ثمّ قدمت فاذا بابى مغلق ، قلت : ما فعلت فلانة؟ ـ قيل لى (٣) : ماتت قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٤) فذهبت (٥) الى قبرها فبكيت عنده فلمّا كان من اللّيل جلست مع بنى عمّى نتحدّث (٦) وليس يسترنا من البقيع شيء (٧) فرفعت لى نار بين القبور فقلت لبنى عمّى : ما هذه النّار؟ فتفرّقوا عنّى ، فأتيت أقربهم منّى فسألته فقال : يرى قبر فلانة كلّ ليلة نارا ، قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٨) أما والله لقد كانت صوّامة قوّامة عفيفة مسلمة انطلق بنا إليه وأخذت فأسا فاذا القبر منفرج واذا هى جالسة وهذا يدبّ حولها ، فنادانى مناد : أيّها المستودع ربّه خذ وديعتك أما لو استودعته أمّه لوجدتها كما وجدت هذا ؛ فأخذته وعاد القبر كما كان ، فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.
قال عبيد بن اسحاق : فحدّثت بهذا الحديث محمّد بن ابراهيم العمرىّ فقال :
__________________
(١) كذا والظاهر أنه اسم موضع قال الفيروزآبادي : « عرض بالضم بلد بالشام » وقال الزبيدى فى شرحه « بين تدمر والرقة قبل الرصافة بعد من أعمال حلب نسب إليه جماعة من أهل المعرفة ( فخاض فى ذكر أسمائهم ) ».
(٢) غير ح : « بأشبه ».
(٣) غير ح : « قال ».
(٤) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.
(٥) ح : « فمضيت ».
(٦) س مج ق : « أتحدث » ج مث : « أحدث ».
(٧) فى ح فقط.
(٨) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.