متوكّئا على عليّ (ع) والفضل بن عبّاس حتّى أخذ بعنقه فأخرجه وتقدّم فصلّى بالنّاس.
ولو كان (ص) أمره بذلك كما زعمتم لم يكن له بذلك ما يوجب الخلافة لأنّهم رووا أنّ النّبيّ (ص) قال : إنّ الصّلاة خلف كلّ برّ وفاجر ، فلو كان كما تقولون لكان انّما أمره بما يجوز لكلّ فاجر أن يكون مكانه فى الصّلاة بالنّاس فأىّ فضيلة لرجل يدخل فيها البرّ والفاجر؟! مع استخلاف النّبيّ (ص) من استخلف فى مغازيه على الصّلاة فلم يوجب لهم ذلك الخلافة ولقد اضطرّكم ما فيه أئمّتكم من الخطل والحكم بالرّأى ومخالفة بعضكم لبعض [ و ] ما نهيتم عنه من تجويز ذلك لهم أن جوّرتم الله فى حكمه ؛ فزعمتم أنّه تعبّد خلقه بما لم يبيّنه لهم وأنّه وكلهم فيما افترض عليهم من الحلال والحرام الى رأيهم (١) ثمّ جهّلتم رسول الله (ص) واستصغرتم دلالاته (٢) واستحقرتم هدايته
__________________
حال عائشة فى تقديمها أباها للصلاة للتجمل والشرف بمقام رسول الله (ص) ولما يعود بذلك عليها وعلى أبيها من الفخر وجميل الذكر.
ولا عبرة بمن حمل نفسه من المخالفين على أن يدعى على أن الرسول (ص) لما خرج الى المسجد لم يعزل أبا بكر عن الصلاة وأقره فى مقامه لان هذا من قائله غلط فظيع من حيث يستحيل أن يكون النبي (ص) وهو الامام المتبع فى سائر الدين متبعا مأموما فى حال من الاحوال وكيف يجوز أن يتقدم على النبي غيره فى الصلاة وقد دلت الاخبار على أنه لا يتقدم فيها الا الافضل على الترتيب والتنزيل المعروف.
وأقول : ذلك من مذهب أصحابنا معلوم لا يحتاج الى بيان وقد ورد في صحاح الاخبار عند المخالفين ما يدل عليه روى مسلم فى صحيحه ( الى آخر ما قال ) فان المقام لا يسع اكثر من ذلك فمن أراده فليراجع البحار.
__________________
(١) فى الاصل : « الى رأيكم ».
(٢) كذا صريحا بلفظ الجمع.