معاً ، فيدور الأمر بين رفع اليد عن أحدهما ، ولا ينبغي الشك في أنّ المتعيّن هو رفع اليد عن المفهوم لأنّه مترتب على المنطوق ومتفرع عليه فلا يمكن الأخذ به مع رفع اليد عن المنطوق ، فتكون النتيجة أنّه لا مفهوم للآية المباركة على كلا التقديرين.
وهذا الاشكال غير وارد على الاستدلال بالآية ، سواء كان المراد من التبين هو خصوص العلم أو مجرد الوثوق ، وذلك لأنّه إن كان المراد منه خصوص العلم لايلزم منه انتفاء المفهوم ، إذ ليس في الآية أمر بالعمل بالعلم ليكون إرشاداً إلى حكم العقل ، بل أمر بتحصيل العلم عند إرادة العمل بخبر الفاسق ، ومفهومه عدم وجوب تحصيل العلم عند العمل بخبر العادل ، ولازمه حجّية خبر العادل وهو المطلوب.
وإن كان المراد مجرد الوثوق لا يلزم التنافي بين المنطوق والمفهوم أصلاً ، إذ مقتضى المنطوق حجّية خبر الفاسق الموثوق به كما ذكر ولا كلام فيه ، ومقتضى المفهوم حجّية خبر العادل وإن لم يوجب الوثوق كما إذا أعرض الأصحاب عنه.
فإن قلنا بأنّ إعراض المشهور لايوجب سقوط الخبر عن الحجّية ولا عملهم بخبر ضعيف يوجب الانجبار على ما اخترناه أخيراً (١) ، فلا محذور حينئذ ، إذ يؤخذ بالمفهوم على إطلاقه ، ويحكم بحجّية خبر العادل ولو مع إعراض المشهور عنه.
وإن قلنا بأنّ إعراض المشهور يوجب سقوط الخبر عن الحجّية ، واعتمادهم يوجب الانجبار كما هو المشهور ، فيرفع اليد عن إطلاق المفهوم ويقيّد بما إذا لم يكن معرضاً عنه عند الأصحاب ، وليس فيه تناف بين المنطوق والمفهوم ولا إحداث قول ثالث.
__________________
(١) يأتي الكلام فيه في ص ٢٣٥