الحديث ، فانّ ظاهره أنّ المرفوع هو نفس ما لا يعلم وهو الحكم الواقعي لا وجوب الاحتياط ، وبعد كون الحكم بنفسه قابلاً للرفع في مرحلة الظاهر على ما تقدّم لا وجه لارتكاب خلاف الظاهر ، وحمل الحديث على رفع إيجاب الاحتياط. نعم ، عدم وجوب الاحتياط من لوازم رفع الحكم الواقعي في مرحلة الظاهر ، لأنّ الأحكام كما أنّها متضادة في الواقع كذلك متضادة في مقام الظاهر ، فكما أنّ عدم الالزام في الواقع يستلزم الترخيص بالمعنى الأعم ، كذلك رفع الالزام في الظاهر يستلزم الترخيص ظاهراً. ولا يعقل وجوب الاحتياط بعد فرض الترخيص ، فيكون المرفوع هو نفس الحكم الواقعي ظاهراً ، ومن لوازم رفعه عدم وجوب الاحتياط ، لعدم إمكان الجمع بين الترخيص الظاهري ووجوب الاحتياط ، لتضاد الأحكام ولو في مرحلة الظاهر ، فالمرفوع هو نفس الحكم الواقعي لا وجوب الاحتياط. نعم ، إذا شكّ في وجوب الاحتياط في مورد ولم يقم دليل على وجوبه ولا على عدم وجوبه ، كان وجوب الاحتياط حينئذ مشمولاً لحديث الرفع ، ولكنّه خارج عن محل الكلام ، وليس كلام الشيخ ناظراً إليه.
ثمّ إنّ الاستدلال بهذا الحديث الشريف على المقام إنّما يتم على تقدير أن يكون المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» خصوص الحكم أو ما يعمه ، فانّ الموصول على كل من التقديرين يشمل الشبهة الحكمية والموضوعية. أمّا على التقدير الثاني فواضح ، إذ المراد من الموصول حينئذ أعم من الحكم المجهول والموضوع المجهول. وأمّا على التقدير الأوّل ، فلأنّ مفاد الحديث حينئذ أنّ الحكم المجهول مرفوع ، وإطلاقه يشمل ما لو كان منشأ الجهل بالحكم عدم وصوله إلى المكلف كما في الشبهات الحكمية ، أو الامور الخارجية كما في