ثبوته قبل البلوغ ، لحديث رفع القلم وأمثاله ، فيحصل منه القطع بعدم العقاب بلا واسطة شيء آخر.
الوجه الثالث : ما ذكره المحقق النائيني قدسسره (١) وهو أنّ المتيقن الثابت قبل البلوغ إنّما هو عدم التكليف في مورد غير قابل له كما في الحيوانات ، ومثل ذلك لا يحتمل بقاؤه بعد البلوغ ، وإنّما المحتمل فيه عدم التكليف في المورد القابل له ، فلا معنى للتمسك بالاستصحاب. وبعبارة اخرى : العدم الثابت قبل البلوغ عدم محمولي وغير منتسب إلى الشارع ، والعدم بعد البلوغ عدم نعتي منتسب إلى الشارع ، وإثبات العدم النعتي باستصحاب العدم المحمولي مبني على القول بالأصل المثبت ولا نقول به.
وفيه أوّلاً : أنّ عدم التكليف في الصبي غير المميز وإن كان كما ذكره ، إلاّ أنّه ليس كذلك في المميز ، بل هو عدم التكليف في مورد قابل له ، وإنّما رفعه الشارع عنه امتناناً.
وثانياً : أنّ العدم المتيقن وإن كان أزلياً غير منتسب إلى الشارع ، إلاّ أنّه يثبت انتسابه إليه بنفس الاستصحاب ، فانّ الانتساب من الآثار المترتبة على نفس الاستصحاب ، لا من آثار المستصحب ليكون إثباته بالاستصحاب مبنياً على القول بالأصل المثبت. وسنذكر في بحث الاستصحاب (٢) أنّ اللوازم التي لا تثبت بالاستصحاب إنّما هي اللوازم العقلية أو العادية للمستصحب. وأمّا اللوازم العقلية لنفس الاستصحاب فهي تترتب عليه ، إذ الاستصحاب بعد جريانه محرز بالوجدان ، فتترتب آثاره ولوازمه عليه عقلية كانت أو شرعية.
الوجه الرابع : ما أفاده أيضاً المحقق النائيني قدسسره (٣) وهو أنّه يعتبر
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٣١
(٢) راجع الجزء الثالث من هذا الكتاب ص ٢١٠
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣٣١ و ٣٣٢