في جريان الاستصحاب أن يكون الأثر المطلوب مترتباً على واقع المستصحب ، وأمّا إن كان مترتباً على مجرد الشك في الواقع أو على الأعم منه ومن الواقع ، فلا مجال لجريان الاستصحاب. مثلاً لو كان التشريع المحرّم عبارة عن إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين ، أو الأعم منه ومن إدخال ما ليس من الدين في الدين ، فمجرد الشك في كون شيء من الدين كافٍ في الحكم بحرمة إسناده إلى الشارع فاجراء استصحاب عدم كونه من الدين لاثبات حرمة الاسناد تحصيل للحاصل ، بل من أردأ أنحائه ، فانّه من قبيل إحراز ما هو مُحرَز بالوجدان بالتعبد. والمقام من هذا القبيل بعينه ، إذ الأثر المرغوب من استصحاب عدم التكليف قبل البلوغ ليس إلاّعدم العقاب ، وهذا مترتب على نفس الشك في التكليف ، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فلا نحتاج إلى إحراز عدم التكليف بالاستصحاب.
وفيه : أنّ ما ذكر إنّما يتمّ لو كان الأثر مترتباً على خصوص الشك. وأمّا إن كان الأثر أثراً للجامع بينه وبين الواقع ، فلا مانع من جريان الاستصحاب ، إذ بجريانه يصل الواقع إلى المكلف ويرفع الشك تعبداً ، فلم يبق معه شك ليلزم تحصيل الحاصل أو أردأ أنواعه. نعم ، لو لم يجر الاستصحاب كان الشك موجوداً فيترتب عليه الأثر.
وبالجملة : ترتب الأثر على الشك فرع عدم جريان الاستصحاب ، فكيف يكون مانعاً عن جريانه ، ولذا لا إشكال في جعل الأمارة ونصبها على عدم حرمة شيء مع أنّ أصالة الحل كافية لاثباته. وكذا لا إشكال في التمسك باستصحاب الطهارة المتيقنة ، مع أنّ قاعدة الطهارة بنفسها كافية لاثباتها.
والمقام من هذا القبيل بعينه. وبعبارة اخرى واضحة : قاعدة قبح العقاب بلا