بيان متوقفة على تحقق موضوعها أعني عدم البيان ، فكما أنّها لا تجري مع بيان التكليف لا تجري مع بيان عدم التكليف ، والاستصحاب بيان لعدمه فلا يبقى معه موضوع لها.
الوجه الخامس : ما يظهر من كلام الشيخ قدسسره (١) وهو أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضيّة المتيقنة والمشكوكة ، ليصدق نقض اليقين بالشك عند عدم ترتيب الأثر حين الشك ، فانّه مع عدمه كان إثبات حكم المتيقن للمشكوك من إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر ، وذلك داخل في القياس لا في الاستصحاب ، وفي المقام لا اتحاد للقضيّة المتيقنة والمشكوكة من حيث الموضوع ، إذ الترخيص المتيقن ثابت لعنوان الصبي على ما هو ظاهر قوله عليهالسلام : «رفع القلم عن الصبي حتّى يحتلم» (٢) ، وهو مرتفع بارتفاع موضوعه ، والمشكوك فيه هو الترخيص لموضوع آخر ، وهو البالغ ، فلا مجال لجريان الاستصحاب.
والانصاف : أنّ هذا الاشكال وارد على الاستدلال بالاستصحاب في المقام ، وتوضيحه : أنّ العناوين المأخوذة في موضوعات الأحكام على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يكون العنوان مقوّماً للموضوع بنظر العرف ، بحيث لو ثبت الحكم مع انتفاء العنوان عدّ حكماً جديداً لموضوع آخر ، لا بقاء الحكم للموضوع الأوّل ، كما في جواز التقليد فانّ موضوعه العالم ، ولو زال عنه العلم وصار جاهلاً يكون موضوعاً آخر ، إذ العلم مقوّم لموضوع جواز التقليد في نظر العرف ، وفي مثل ذلك لا مجال لجريان الاستصحاب ، لعدم صدق نقض اليقين بالشك على عدم ترتيب الأثر السابق حين الشك ، فلايكون مشمولاً لأدلّة الاستصحاب.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٣٧٨
(٢) الوسائل ١ : ٤٥ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٤ ح ١١ (باختلاف يسير)