الصورة الثالثة : أن يعلم وجوب فعل في الجملة ، واحتمل كون فعل آخر عدلاً له ، مع عدم إحراز وجوبه ولا كونه مسقطاً ، كما إذا علمنا بوجوب الصيام في يوم ، واحتملنا أن يكون إطعام عشرة مساكين عدلاً له في تعلّق الوجوب التخييري بهما ، هذه هي الصور الثلاث.
أمّا الصورة الاولى : فلا أثر للشك فيها فيما إذا لم يتمكن المكلف إلاّمن أحد الفعلين ، ضرورة وجوب الاتيان به حينئذ إمّا لكونه واجباً تعيينياً أو عدلاً لواجب تخييري متعذِّر. وبعبارة اخرى : يعلم كونه واجباً تعيينياً فعلاً غاية الأمر لا يعلم أنّه تعييني بالذات أو تعييني بالعرض لأجل تعذّر عدله ، وإنّما تظهر الثمرة فيما إذا تمكن المكلف من الاتيان بهما معاً ، فيدور الأمر بين وجوب الاتيان بهما وجواز الاقتصار على أحدهما. والتحقيق هو الحكم بالتخيير وجواز الاكتفاء بأحدهما ، لأنّ تعلّق التكليف بالجامع بينهما متيقن ، وتعلّقه بخصوص كل منهما مجهول مورد لجريان البراءة بلا مانع.
وأمّا الصورة الثانية : فقد عرفت أنّه لا ثمرة فيها في كون الوجوب تعيينياً أو تخييرياً ، إلاّفيما إذا تعذّر ما علم وجوبه في الجملة ، فانّه على تقدير كون وجوبه تخييرياً ، يجب عليه الاتيان بالطرف الآخر المعلوم كونه مسقطاً للواجب ، وعلى تقدير كون وجوبه تعيينياً لا شيء عليه ، فالشك في التعيين والتخيير في هذه الصورة يرجع إلى الشك في وجوب ما يحتمل كونه عدلاً للواجب عند تعذّره وهو مورد للبراءة ، فتكون النتيجة في هذه الصورة هي نتيجة التعيين دون التخيير.