الأمر بين التعيين والتخيير إن كان من جهة احتمال أخذ شيء شرطاً للواجب ، فيحكم فيه بالتخيير ، لأنّ الشرطية أمر قابل للوضع والرفع ، فيشملها حديث الرفع عند الشك فيها. وأمّا إن كان الدوران بينهما من جهة احتمال دخل خصوصية ذاتية في الواجب ـ كما في المقام ـ لا يمكن الرجوع فيه إلى أدلة البراءة ، لأنّ الخصوصية إنّما تكون منتزعة من نفس الخاص ، فلا تكون قابلة للوضع والرفع فلايمكن الرجوع عند الشك فيها إلى أدلة البراءة ، فلا مناص من الحكم بالاشتغال والالتزام بالتعيين في مقام الامتثال.
وفيه : أنّ الخصوصية وإن كانت منتزعة من نفس الخاص وغير قابلة للوضع والرفع ، إلاّأنّ اعتبارها في المأمور به قابل لهما ، فإذا شكّ في ذلك كان المرجع هو البراءة.
الوجه الثاني : ما ذكره المحقق النائيني (١) قدسسره وهو أنّ الشك في المقام شك في حصول الامتثال بعد العلم بثبوت التكليف ، فيكون المرجع قاعدة الاشتغال والحكم بالتعيين ، فإذا دار الأمر في كفّارة تعمّد الافطار مثلاً بين خصوص صيام شهرين وبين الأعم منه ومن إطعام ستّين مسكيناً ، كان الصيام مفرّغاً للذمّة يقيناً ، وأمّا الاطعام فسقوط التكليف المعلوم به مشكوك فيه ، فلا يجوز الاكتفاء به في مقام الامتثال بحكم العقل.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ التخيير المحتمل في المقام إمّا أن يكون تخييراً عقلياً ، كما إذا دار الأمر بين تعلّق التكليف بحصّة خاصّة أو بالجامع العرفي بينها وبين غيرها من سائر حصص الجامع. وإمّا أن يكون تخييراً شرعياً ، كما إذا
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٧٤ ، فوائد الاصول ٣ : ٤٢٨