بالقدر المتيقن من الدين المضبوط في الدفتر ، فهو على تقدير صحّته لا بدّ من أن يكون مستنداً إلى أمر آخر غير العلم الاجمالي ، كما ادّعي ذلك في موارد من الشبهات الموضوعية التي لا كلام في جواز الرجوع إلى البراءة فيها قبل الفحص ، منها : ما لو شكّ في بلوغ المال حدّ النصاب. ومنها : ما لو شكّ في حصول الاستطاعة للحج وغيرهما من الموارد ، وذكروا الوجه في ذلك : أنّا علمنا من الخارج أنّ الشارع لا يرضى بالرجوع إلى الأصل في هذه الموارد قبل الفحص ، للزوم المخالفة الكثيرة ، فلو صحّ هذا الادّعاء لقلنا بمثله في مثال الدين ، فانّه أيضاً شبهة موضوعية ، وإلاّ التزمنا بجواز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص فيه.
ومن الشواهد على أنّ عدم جواز الرجوع إلى الأصل في المقدار الزائد على القدر المتيقن على تقدير تسليمه ليس من جهة العلم الاجمالي ، أنّه لو فرض عدم التمكن من الرجوع إلى الدفتر لضياعه مثلاً لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل في الزائد على القدر المتيقن ، مع أنّه لو كان المانع هو العلم الاجمالي لم يكن فرق بين التمكن من الفحص وعدمه كما هو ظاهر.
فالمتحصّل من جميع ما ذكرناه في المقام : أنّ المانع من الرجوع إلى الأصل قبل الفحص لا بدّ من أن يكون شيئاً آخر غير العلم الاجمالي ، كما ذكر صاحب الكفاية قدسسره.
الثالث : دعوى انصراف الأدلة إلى ما بعد الفحص بحكم العقل بوجوب الفحص ، وعدم جواز الرجوع إلى البراءة قبله ، فانّه كما يحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان كذلك يحكم بوجوب الفحص عن أحكام المولى من باب وجوب دفع الضرر المحتمل. وبالجملة : فكما أنّه على المولى إبلاغ أحكامه إلى عبيده ، وبيان مراداته لهم جرياً على وظيفة المولوية ، فكذلك يجب على العبد الفحص عن أحكام المولى جرياً على وظيفة العبودية ، إذ لا يجب على المولى إلاّبيان أحكامه على النحو المتعارف ، من أن يجعلها في معرض الوصول ، وأمّا فعلية