(عليهالسلام) ـ أمّا الميتة فانّه لا يُدمنها أحد إلاّضعف بدنه ونحل جسمه وذهبت قوّته ...» (١) فربّما يستدل بها لحرمة الاضرار بالنفس ، لكون الظاهر منها أنّ علّة حرمة المحرمات هي إضرارها ، فالحرمة تدور مداره.
ولكن التأمّل فيها يشهد بعدم دلالتها على حرمة الاضرار بالنفس ، فانّ المستفاد منها أنّ الحكمة في تحريم جملة من الأشياء كونها مضرةً بنوعها ، لا انّ الضرر موضوع للتحريم. والذي يدلّنا على هذا امور :
الأوّل : أنّ الضرر لو كان علّةً للتحريم يستفاد عدم حرمة الميتة من نفس هذه الرواية ، لأنّ المذكور فيها ترتب الضرر على إدمانها ، فلزم عدم حرمة الميتة من غير الادمان ، لأنّ العلّة المنصوصة كما توجب توسعة الحكم توجب تضييقه أيضاً ، فإذا ورد أنّ الخمر حرام لكونه مسكراً ، فالتعليل المذكور كما يدل على حرمة غير الخمر من المسكرات ، يدل على عدم حرمة الخمر إن لم يكن فيه سكر. وهذا من حيث القاعدة مع قطع النظر عن النص الخاص الدال على حرمة الخمر قليله وكثيره.
الثاني : أنّه لو كان الضرر علّةً للتحريم كانت الحرمة دائرة مدار الضرر ، فاذا انتفى الضرر في مورد انتفت الحرمة ، ولازم ذلك أن لا يحرم قليل من الميتة مثلاً بمقدار نقطع بعدم ترتب الضرر عليه ، مع أنّ ذلك خلاف الضرورة من الدين.
الثالث : أنّا نقطع بعدم كون الميتة بجميع أقسامها مضرّة للبدن ، فاذا ذبح حيوان إلى غير جهة القبلة ، فهل يحتمل أن يكون أكله مضرّاً بالبدن مع التعمّد في ذبحه إلى غير جهة القبلة ، وغير مضرّ مع عدم التعمد في ذلك ، أو يحتمل أن يكون مضرّاً في حال التمكن من الاستقبال وغير مضرّ في حال العجز عنه.
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٤٢ / ١ ، الوسائل ٢٤ : ٩٩ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ١ ح ١