مع أنّه يظهر من الروايات التي نقلها الكشي أنّ العامّة وثّقوه ولم يعيبوا عليه بشيء إلا التشيّع ومحبّة آل الرسول اللهُ (١).
فلعلّ غفلة من غفل مثل ابن داود في أواخر كتابه مع تصحيحه قبل ذلك في موضعين (٢) إنّما كان لأجل كونه متقياً ، وهذا الجمع أولى من الجمع بكونه عاميا ثقة حتى يكون موثّقاً ، مع أنّ الموثّق أيضاً حجّة.
ولعلّ مراد الصدوق رحمهالله بالخبر الذي ذكره هو موثقة سماعة ، قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمّداً فقال : «عليه عتق رقبة ، وإطعام ستّين مسكيناً ، وصيام شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم ، وأنّى له مثل ذلك اليوم» (٣).
ورواه الشيخ في التهذيب وأوّله بتأويلين ، أحدهما : كون «الواو» بمعنى «أو» كما في (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).
والثاني : بإتيان أهله في حال تحريم الوطء كحال الحيض ، وحال الظهار قبل الكفّارة ، واستشهد عليه برواية الهروي (٤).
فطرح هذه الروايات الثلاث المفصّلة أو إخراجها من الظاهر وحملها على الاستحباب مع اعتبارها وموافقتها للاعتبار وعمل كثير من الأصحاب ، مع أنّه ليس في طرف الخلاف إلا الأصل والإطلاقات وترك الاستفصال في غاية الإشكال ، فالأظهر العمل على التفصيل.
وأما رواية الفتح بن يزيد الجرجاني المرويّة في العيون والخصال (٥) ، وستأتي في مسألة وجوب تكرّر الكفّارة بتكرّر المفطر ، فهي لا تنافي ما ذكرنا كما يظهر بالتأمّل.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٨٧٢ ح ١١٤٨ و ١١٤٩.
(٢) رجال ابن داود : ١٢٩ / ٩٥٧ ، وص ٢٥٧ / ٣٠٦ / وص ٢١٩ / ٥٥ ، وص ٣١٣ / ١٥.
(٣) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ح ٦٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٧ ح ٣١٥ ، الوسائل ٧ : ٣٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٠ ح ٢.
(٤) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ح ٦٠٤ ، وقوله «مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ» إشارة إلى الآية ٤ من سورة النساء.
(٥) عيون أخبار الرضا (ع) ١ : ٢٥٤ ح ٣ ، الخصال : ٤٥٠ ح ٥٤ ، الوسائل ٧ : ٣٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١١ ح ١.