القابلين للتأويل ، مثل أن يكون عليهالسلام أوجبه على نفسه بالنذر المقيّد بالسفر ، فيكون مراده عليهالسلام : لنا أن نفعل ما شئنا من جعله منذوراً مقيّداً بالسفر. وأمّا دليل الأكثر فهو الجمع بين الأخبار بحمل المنع على الكراهة في خصوص المندوب (١) ، وهو أيضاً غير جيّد ؛ إذ لا دليل على مطلق الجمع ، مع أنّه يستلزم استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي ، وإن أردنا من المنع فيها المرجوحيّة على سبيل عموم المجاز فمع أنّه مجاز لا دليل عليه يسقط الاحتجاج بها في جانب الصوم الواجب ، مع أنّهم استدلّوا بها عليه.
وهذا كلّه مع أنّه يمكن توجيه الكراهة بأن يقال : إنّ المتبادر من كثير من الأخبار هو شهر رمضان والاعتماد في غير الواجبات من مثل النذر وغيره على الأخبار الخاصّة بها ، ويحمل ما ورد في خصوص التطوّع كصحيحة البزنطي السابقة على الكراهة ، ويؤيّده استفصاله عليهالسلام فيها أوّلاً ، فهاتان الروايتان مع المسامحة في أدلّة السنن والشهرة بين الأصحاب وفهمهم للأخبار يقرّب هذا القول.
وكيف كان فالأحوط الترك ؛ لدوران الأمر بين الحرمة والاستحباب.
ثمّ على القول بالحرمة فيستثنى منه الصوم ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة ؛ للأخبار المستفيضة ، منها صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليهالسلام قال : «إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أوّل يوم الأربعاء ، وتصلّي ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لبابة ، وهي أُسطوانة التوبة الّتي كان ربط إليها نفسه حتّى نزل عذره من السّماء ، ، تقعد عندها يوم الأربعاء.
ثمّ تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النّبيّ ليلتك ويومك ، وتصوم يوم الخميس.
ثمّ تأتي الأُسطوانة الّتي تلي مقام النّبيّ ومصلاه ليلة الجمعة فتصلّي عندها
__________________
(١) من القائلين بالكراهة الشيخ في النهاية : ١٦٢ ، والتهذيب ٤ : ٢٣٦ ، والاستبصار ٢ : ١٠٣ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٧٨ ، والشهيد في الدروس ١ : ٢٧٠.