ويخدش في الأوّل : النقض بالسنّ ، فإنّه تيقّن البلوغ ، لا علامة سبقه.
والقول بأنّه مخرج بالأخبار والإجماع يجري في الإنبات أيضاً ، فإنّ الأخبار فيه أيضاً موجودة ، سيّما ما ورد مع السن بسياق واحد.
وأيضاً لو فرض العلم بعدم بلوغه السن ، وحصل الإنبات ، ولم يحصل الحلم قبله ، سيّما إذا جرّب الجماع ، فكيف يقال : هذا المنبت قد بلغ قبل ذلك ، فإنّ المراد بالبلوغ حقيقة وإن كان هو المرتبة الّتي يستعد المكلّف بسببها لإفاضة التكليف عليه من جهة الفهم والإدراك والقابليّة ، ولكنّه لمّا كان مختلفاً بحسب الأشخاص والأحوال ، فجعل الشارع لذلك حدّا محدوداً لا يتجاوز عنه ، وإن كان قد تكون مرتبة فهم من هو دون هذه العلامة مساوية لمن هو فوقه ؛ لأنّ بناء الشارع على حماية الحمى وسدّ الطرق.
فالمعتبر في البلوغ هو فعلية الاحتلام ، لا الاستعداد ، وإلا لجرى القول بكونه علامة للسبق في الاحتلام أيضاً ، مع أنّه ليس كذلك جزماً ، بل المراد من النكاح والحلم هو ما كان يحصل منه الولد كما هو مقصود الشارع ، وإلا فمن المشاهد أنّ الصبيّ قبل البلوغ قادر على الجماع وإزالة البكارة بحيث لا مجال للشكّ في بلوغه النكاح والمراد منه الفعليّة ؛ لعدم الانضباط بدونه ، وهو خلاف الحكمة ، إلا أن يقال : المخبر الصادق لما أخبر بأنّ غاية اليتم والصغر هو الاحتلام ، وحكم بأنّ الأحكام تتعلّق به مع الإنبات فيحصل لنا الجزم بفعليّة الاحتلام قبل ذلك ، بأن يكون ذلك واقعاً في النوم من دون اطلاعه ، وهو بعيد ، وهذا الحمل والتوجيه ليس بأولى من تخصيص عام الكتاب ، سيّما مع أنّه مخصّص قبل ذلك بالسنّ جزماً.
وأمّا قولهم : إنّ الإنبات مكتسب ، ففيه : أنّه لا يخدش فيما ليس بمكتسب منه ، وتحمل الأخبار على المعتاد التابع للطبيعة.
وأما قولهم : إنّه تدريجي ، ففيه : أنّ نموّه وتكثّره تدريجي ، لأنفس خروجه ، والأصل أيضاً يقتضي كونه نفس البلوغ.