مع الإمكان ، كما اختاره الفاضلان (١) والشهيدان (٢) ، لأنّه أمر لا يعرف غالباً إلا من قبله.
ثمّ اختلفوا في تحليفه ، فذكر العلامة (٣) وغيره (٤) أنّه لا يحلف ، وإلا دار ؛ لأنّ صحّة اليمين مشروطة بكون الحالف بالغاً ؛ لرفع القلم عن الصبيّ ، فيتوقّف على الحكم بالبلوغ ، ولو توقّف الحكم البلوغ على اليمين لزم الدور.
وما ذكره الشهيد رحمهالله في الدروس في دفعه «بأنّ اليمين موقوفة على إمكان البلوغ ، والموقوف على اليمين هو البلوغ فتتغاير الجهة» (٥) فهو مدفوع بمنع كفاية إمكان البلوغ في اليمين.
أقول : ويمكن أن يكون نظره رحمهالله إلى صورة الدعوى ووجود المزاحم ، فحينئذٍ معنى قبول قوله أنّه يصير من قبيل المنكر ، وكلّما يقال في المنكر «القول قوله» فالمراد مع اليمين ؛ لعموم قوله عليهالسلام : «البيّنة على المدّعى ، واليمين على المدّعى عليه» إذ من المواضع التي يجعل أحد المتداعيين منكراً هو ما كان الفعل فعله ، وكان مما لا يطّلع عليه غيره غالباً.
فالأولى منع قبول قوله لما دلّ على رفع القلم عن الصبي حتّى يبلغ ، وعدم كفاية الإمكان والاحتمال ، وبعد قبول قوله فالأظهر الاحتياج إلى اليمين.
وكذلك الكلام في دعوى الصبية الحيض مع الإمكان على الوجه الذي حقّقناه سابقاً من اعتبار ذلك في مجهوله السن ، لئلا يلزم الدور.
والكلام في التحليف أيضاً كما تقدّم ، والوجه عدم القبول ؛ لعموم رفع القلم ، وما دلّ من الأخبار على أنّ الحيض والعدّة إلى النساء إنما هو فيمن بلغت.
__________________
(١) المحقّق في الشرائع ٣ : ١١٩ ، والعلامة في التحرير ٢ : ١١٤.
(٢) الشهيد الأوّل في الدروس ٣ : ١٢٦ ، والشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٣٨٥.
(٣) التذكرة (الطبعة الحجرية) ٢ : ١٤٤.
(٤) الدروس ٢ : ٩٣.
(٥) الدروس ٣ : ١٢٦ ، الروضة البهيّة ٦ : ٣٨٥.