العلم بالمخبر عنه ، وعلى هذا فلا تكون هذه الأشياء خارجة عن أصل الشهادة ، وقيل : يكفي بلوغه حدّا يوجب الظن الغالب المقارب للعلم ، إلى آخر ما ذكره.
لا يقال : هذا أيضاً استناد إلى الحسّ.
لأنّا نقول : مرادهم بالحسّ سماع نفس المشهود عليه ، كلفظ الإقرار وغيره ، والمشهود عليه هنا ليس بمسموع ، بل هو من قبيل النسب أو الموت أو غيرهما ، بل هذا مستند إلى الحدس المستفاد من الحسّ ، مع انضمام القرائن ، ويلزم عليهم حينئذٍ أن يقبلوا الشهادة المنوطة بخبر واحد محفوف بالقرينة ، أو برؤية أُمور يحصل بالحدس الجزم بوقوع شيء ، والظاهر أنهم لم يقولوا به.
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال فيما حصل العلم من الاستفاضة في إثبات الأُمور التي ذكروها من الوقف والنكاح وغيرهما ، وإنما الإشكال فيما لو حصل الظن بها فيها وفي غيرها ، فيمكن حينئذٍ للقائل باشتراط العلم في الاستفاضة التخصيص والاكتفاء بالظن المتاخم في موارد خاصة بسبب دليل خارجي.
وأمّا القائل بكفاية الظن المتاخم فلا وجه له للتفصيل ، كما أنّه لا وجه للتفصيل في الاستفاضة المفيدة للقطع بقبولها في بعض دون بعض آخر إلا على التوجيه الذي مرّ.
وإلى ما ذكرنا تشير عبارة المسالك في مسألة ولاية القاضي بعد ذكر وجه قبول الاستفاضة في الامور السبعة المتقدمة ، قال : وزاد بعضهم في هذه الأسباب ونقص آخرون ، وقد ظهر من تعليلها أنّها لا تستند إلى نصّ خاص ، بل إلى اعتبار ، فكان الوجه فيها أن يقال : إن اعتبرنا اليقين في المستند كما اعتبره المصنف بقوله «ما لم يحصل اليقين» فلا وجه للحصر في هذه ، وإن كانت أمسّ حاجة من غيرها إلى الاكتفاء بالسماع دون المشاهدة ؛ لما أشرنا إليه من أنّ العلم القطعي أقوى من البيّنة ، بل لا يقبل الخلاف ، فمتى حصل ذلك في الملاك المسبب وغيره من الحقوق بالتسامع كفى ، وإن اكتفينا في الاستفاضة بالظنّ الغالب المتاخم للعلم احتمل اختصاصه بهذه ، والقدح في بعضها حيث لا نصّ.