الاستفسار والرجوع إلى مقتضاه.
ويمكن أن يوجّه كلامهما في المسألة الاولى بتضمّنها للحكم ، فإن مراد الحاكم من شهادته بالهلال «أنّي أحكم بأنّ اليوم أوّل الشهر بسبب رؤيتي للهلال» فهو حكم مستند إلى علمه مع بيان سبب العلم ، والمراد في المسألة الثانية حكمه بكون اليوم يوم الصوم من دون ذكر سبب العلم ، فيجري (تعليل) (١) المدارك في الأوّل أيضاً.
ويشكل ذلك أيضاً بما عرّفوا الحكم بأنه إلزام خاص أو إطلاق خاص في واقعة خاصّة متعلقة بأمر المعاش فيما تقع فيه الخصومة بين العباد ، مطابقة لحكم الله تعالى في نظر المجتهد في هذه الواقعة وغيرها مما يندرج تحت كلّي ، كما ذكره الشهيد في القواعد (٢) ، فإنّه من أُمور المعاد لا المعاش ، وليس فيه رفع خصومة غالباً.
ويمكن توجيهه : بأن يراد بأمر المعاش ما لا اختصاص له بالشارع وإن كان من موضوعات حكمه ، فيرجع إلى أنه هل تحققت الرؤية أم لا ، وهل تمّ عدد الشهر أم لا ، ولا مدخل له في الحكم الشرعي ، وإن كان يرجع إليه باعتبار قطع النزاع ويتضمّن أنّ الشارع حكم بأن يحكم الحاكم أنّ هذا اليوم يوم الفطر.
ومن فروع كونه من الحكم : ثبوت حلول الآجال فيما تنازع فيه الخصمان في مثل البيع المشروط فيه الخيار إلى أوّل الشهر الفلاني ، الذي يترتّب عليه اللزوم بانتفاء الشرط في أوّل الشهر ، ثمّ وقع بينهما النزاع في اليوم الخاص أنه أوّل الشهر أم لا ، فيكفي في ذلك الحكم بأنه أوّل الشهر ، فيترتب عليه اللزوم وعدمه ، ولا يحتاج إلى الحكم باللزوم وعدم اللزوم ، فالحكم بأنه أوّل الشهر حكم ، وحكمه باللزوم أو عدمه حكم آخر.
فالمناص في تعميم الحكم لذلك هو ضمّ قصد الحاكم بحكمه رفع ما عسى أن يتصوّر من الخصومة والمخالفة أيضاً وإن لم يكن بالفعل هناك خصومة.
__________________
(١) في «م» : سبب.
(٢) القواعد والفوائد ١ : ٣٢٠.