وتقرب منه عبارته في المسالك ، قال : واعلم أنّ موضع الخلاف إنّما هو مع تحقّق كونه شكاً ، لا مطلق يوم الثلاثين ، ولا يتحقق كونه شكاً إلا مع تحدّث الناس برؤيته على وجه لا يثبت ، أو بشهادة الواحد ونحوه ، وبدون ذلك لا يكون شكّاً ، فلا يتعلّق به حكمه من كراهة صومه ولا استحبابه على الوجه الوارد (١).
وأنت خبير بأنّ عبارة المفيد السابقة صريحة في أنّ الكراهة إنّما هي في صورة عدم الشكّ (٢) ، والمشهور عدمها ، وهو موضع الخلاف.
وأيضاً ظاهر التذكرة والمنتهى والدروس والشرائع أنّ محل النزاع مطلق الثلاثين وأنّه يسمّى يوم الشك مطلقاً (٣).
قال في التذكرة : يستحب صيام يوم الشكّ من شعبان إذا لم ير الهلال ، ولا يكره صومه ، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم وشبهه أو لم يكن ، وبه قال أبو حنيفة ومالك (٤).
إلى أن قال : وقال شيخنا المفيد رحمهالله : إنّما يستحب مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو وارتفاع الموانع ، ويكره مع الصحو وارتفاع الموانع إلا لمن كان صائماً قبله ، وبه قال الشافعيّ والأوزاعيّ (٥) و (٦).
أقول : والتحقيق أن يقال : المراد بيوم الشكّ يوم من شأنه الشك بعنوان القاعدة الكلية كما هو الغالب في التسميات ، ولمّا كان الشهر دائماً مردّداً بين أمرين ثلاثين يوماً وتسعة وعشرين يوماً ، فيوم الثلاثين محلّ الشكّ ، ولا ضرورة إلى فعليّة الشكّ في التسمية.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٥٥.
(٢) نقله عنه المحقّق في المعتبر ٢ : ٦٥٠ ، ولكنّه في المقنعة : ٢٩٨ صرّح باستحبابه ، وأورد في ذلك عدّة روايات فلعلّه حكم بالكراهة المذكورة في غيرها.
(٣) التذكرة ٦ : ١٧ ، المنتهي ٢ : ٥٦١ ، الدروس ١ : ٢٨٤ ، الشرائع ١ : ١٨١.
(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ١١٩ ، المجموع ٦ : ٤٠٤ ، ٤٢١ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣.
(٥) المجموع ٦ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣.
(٦) انتهت عبارة التذكرة ٦ : ١٧.