مما ذكر في الأخبار ، لا بإطلاق ما دلّ على استحباب صوم شعبان أو الثلاثة الأيام من أخره ونحو ذلك.
الثالث : في ذكر الآثار التي ذكرها المفيد ولعلّه أراد بها مثل رواية معمّر بن خلاد ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : كنت جالساً عنده آخر يوم من شعبان ، فلم أرَه صائماً ، فأتوه بمائدة ، فقال : «ادن» وكان ذلك بعد العصر ، قلت له : جعلت فداك صمت اليوم ، فقال لي : «ولِمَ؟» قلت : جاء عن أبي عبد الله عليهالسلام في اليوم الذي يشكّ فيه أنّه قال : «يوم وفّق له» قال : «أليس تدرون إنّما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل وكان من شهر رمضان كان يوماً وفّق له ، فأما وليس علة ولا شبهة فلا» فقلت : أفطر الان؟ فقال : «لا» فقلت : وكذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟ قال : «نعم» (١).
ورواية هارون بن خارجة قال ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : «عدّ شعبان تسعة وعشرين يوماً ، فإن كانت مغيمة فأصبح صائماً ، وإن كان مصحية وتبصّرت فلم ترَ شيئاً فأصبح مفطراً» (٢).
ورواية الربيع بن ولاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إذا رأيت هلال شعبان فعدّ تسعة وعشرين ليلة ، فإن صحّت فلم تره فلا تصم ، وإن تغيّمت فصم» (٣).
وأنت خبير بأنّ هذه الأخبار مع سلامتها لا تعارض بها الأخبار المتواترة المعتبرة ، فلعلّ المراد بها المنع عن صيامها لقصد احتياط إدراك رمضان لكمال بُعده ، ولكن يلزمه بقاء الاستحباب لأجل أنّه من شعبان أو آخر شعبان ، ولا أقلّ من أجل أنّه صوم ؛ لعدم المنافاة ، فلا وجه للإفطار والأمر بالإفطار كما يستفاد من تلك الأخبار.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٦٦ ح ٤٧٣ ، الوسائل ٧ : ١٨ أبواب وجوب الصوم ب ٥ ح ١٢.
(٢) الكافي ٤ : ٧٧ ح ٩ ، الوسائل ٧ : ٢١٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٦ ح ٤.
(٣) التهذيب ٤ : ١٦٥ ح ٤٦٩ ، الوسائل ٧ : ٢١٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٦ ح ٢.