ويدلّ عليه الإجماع والأخبار الدالّة على أنّ الصلاة في أوّل الوقت أفضل ، خصوصاً المغرب ؛ لقلة وقت فضيلته ، ولما ورد في استجابة دعاء الصائم (١) ، والصلاة مشتملة عليه.
ويظهر من ذلك استحباب تأخيره عن العشاء ، ولكن العلامة في التذكرة قال : ويستحبّ تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب إن لم يكن من ينتظره للإفطار ، ولو كان استحب تقديمه على الصلاة ، روى العامة عن رسول اللهُ ، قال : «يقول الله تعالى : أحبّ عبادي إليّ أسرعهم فطراً» (٢) و (٣).
وعن المنتهي : أنّهم رووه عن أبي هريرة عنه عليهالسلام (٤) ، وعن نهاية ابن الأثير : ومنه الحديث : «إذا حضر العشاء فابدؤا بالعشاء» العشاء بالفتح الطعام الذي يؤكل عند العَشاء ، وأراد بالعشاء صلاة المغرب (٥) ، انتهى.
وأنت خبير بأنّه لا حجّة فيما ذكر علينا ، فالاستباق إلى العبادة والدعاء أفضل.
وما تُشعر به رواية زرارة والفضيل من أنّه أحد الفرضين على فرض تسليمه لا يوجب أفضليته ؛ إذ لا ريب أنّ الإفطار إن سلّم وجوبه فليس بفوريّ ، وإلا فالمراد بكونه فرضاً النهي عن الوصال وعدم نقض الصيام في الليل.
ويدلّ على أفضليّة تقديم الصلاة أيضاً : أنّ صفاء الخواطر في حال الجوع أكثر ، وتوجّه النفس إلى الله أسهل إن لم يكن بحدّ لا يحفظ نفسه ولا يقوى على ضبطها ، وأيضاً فيه مخالفة النفس التي جزاؤها كون الجنة هي المأوى.
ويدلّ على استحباب التأخير لرفع انتظار المنتظر مضافاً إلى الروايات عمومات ما دلّ على فضيلة إجابة دعوة المؤمن ، وإدخال السرور في قلبه ، ودفع الأذى عنه ، فإنّه
__________________
(١) الوسائل ٧ : ١٠٥ أبواب آداب الصائم ب ٦.
(٢) التذكرة ٦ : ٢٣٢.
(٣) المغني ٣ : ١١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٨١ ، سنن الترمذي ٣ : ٨٣ ح ٧٠٠ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٧.
(٤) المنتهي ٢ : ٦٢٤.
(٥) نهاية ابن الأثير ٣ : ٢٤٢.