فلا يبقى اعتماد على الإطلاق ، ولا ترك الاستفصال عن التمكن وعدمه.
وأجاب في المختلف عن روايتي منصور ومحمّد بن مسلم بعد منع السند بحملهما على الاستحباب ، أو على الوجوب لكون السفر معصية (١) ، وهو بعيد.
ووجّه كلامه بعضهم : بأنّ مراده أنّ السفر في رمضان بدون ضرورة معصية ، وهو أيضاً ليس بتمام.
وربما يقال : إنّ السرّ في وجوب القضاء على المسافر خاصة هو تمكّنه من الأداء بترك السفر أو الإقامة ، وهو أبلغ من التمكّن من القضاء ، بخلاف المريض والحائض.
ويرد عليه : أنّ بعد رخصة الشارع في السفر لا يبقى فرق ، مع أنّه لا يتمّ في السفر الواجب.
فالأقوى فيه أيضاً التفصيل بالتمكّن وعدم التمكّن ، ولو كان فرض التمكّن بالإقامة. فالأولى حمل الأخبار المعارضة على الاستحباب ، وفي بيان المراد من التمكن إشكال ، فإطلاق كلام أكثرهم هو اشتراطه بالتمكّن من القضاء.
واعتبر الشهيد في اللمعة مراعاة تمكّنه من المقام والقضاء ، وزاد الشهيد الثاني في شرحه ولو بالإقامة في أثناء السفر (٢) ، وزاد الفاضل الأصفهاني في شرحه لفظ الأداء قبل القضاء.
فعبارات الثلاثة هذه : وفي القضاء عن المسافر خلاف ، أقربه مراعاة تمكنه من المقام والأداء أو القضاء ولو بالإقامة في أثناء السفر كالمريض.
أقول : ولا وجه لزيادة لفظ «الأداء» هنا ؛ إذ الكلام إنّما هو بعد ثبوت الفوت بالسفر كالمريض ، وما ذكره الشهيدان من أنّ السرّ في قول من يوجب القضاء على المسافر مطلقاً دون المريض تمكّن الأوّل من الأداء دون الأخير ؛ مع سلامته هو شيء آخر
__________________
(١) المختلف ٣ : ٥٣٦.
(٢) الروضة البهيّة ٢ : ١٢٣.