ثمّ إنّ ههنا أُموراً لا بدّ أن ينبّه لها :
الأوّل : ذكر جماعة من العلماء ، منهم العلامة في التذكرة والمنتهى (١) ، والشهيد الثاني رحمهالله (٢) أنّ المراد بالولد الذكر الأكبر من لم يكن هناك أكبر منه وإن انحصر فيه كما في الحبوة ، ويدلّ عليه عموم لفظ الوليّ والأولى في الأخبار.
وأمّا صحيحة الصفار الدالّة على اعتبار الأكبرية ، فهي محمولة على حال التعدد ووجود الأصغر والأكبر.
نعم الإشكال في أن الوجوب هل مشروط بالبلوغ حين الموت ليمكن تعلّق التكليف به أم لا؟ فيه قولان ناظران إلى عدم تعلّق التكليف بغير البالغ العاقل فيستصحب ، وإلى عموم الروايات واستحقاق الحبوة.
ولعلّ الأرجح الثاني ؛ لأنّه ليس في الأخبار ما يدلّ على الوجوب عليه بمجرد موت مورّثه حتّى يستلزم البلوغ والكمال ، فيكون مراعى إلى حصول الكمال كافياً ، كما لو كان الوليّ البالغ غائباً ولم يطّلع على موت أبيه إلا بعد سنين.
واختلفوا فيما لو تعدّد الوليّ وكان أحدهما أكبر سنّاً ولم يبلغ ، والآخر أقلّ سناً وبلغ بالإنبات أو الاحتلام.
والأظهر اعتبار البلوغ ؛ لأنّه أولى بالميت في أكثر الأحكام ، مثل مباشرة التجهيز والإذن في الصلاة وسائر ما هو منوط بالمكلّفين.
ووجه القول الأخر : إطلاق لفظ الأكبر في صحيحة الصفار وغيرها ، وهو محمول على الغالب ، فلا حجّة فيه ، هذا إذا كان الأكبر غير بالغ.
وأمّا إذا كانا بالغين فلا إشكال في تقديم الأكبر سناً ؛ وكذا لو لم يكونا بالغين.
وأمّا في الحبوة فالأظهر تقديم الأكبر سنّاً ؛ للأخبار الكثيرة الحاكمة بكونها
__________________
(١) التذكرة ٦ : ١٧٥ المسألة ١١١ ، المنتهي ٢ : ٦٠٤.
(٢) المسالك ٢ : ٦٣.