.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وان شئت فقل : ان رفع الحكم المجهول ظاهرا ليس معناه رفعه حقيقة حتى يلزم التصويب ، بل معناه رفع مرتبة محركيته المنوطة بوصوله إلى المكلف ، وأصالة البراءة ترفع هذه المرتبة بعد أن كان المقتضي لجعل ما يحرِّكه حال الجهل به موجودا كوجود المقتضي لأصل تشريعه. وعلى هذا فالمراد من رفع الإلزام المجهول كما عبر به المصنف ورفع إيجاب الاحتياط ـ كما عبر به الشيخ ـ واحد ، والاختلاف انما هو في التعبير فقط.
لكن هذا الجمع بين كلاميهما مبني على كون إيجاب الاحتياط نفس الحكم الواقعي ، ومتمم قصور محركيته على تقدير وجوده ، وحكما صوريا على تقدير عدمه. وأما بناء على مغايرة إيجاب الاحتياط للحكم الواقعي فلا يصح هذا الجمع ، ولا يلتئم كلامهما قدسسرهما.
وكيف كان فالاستدلال بهذا الحديث الشريف على البراءة مبني على إرادة الحكم من الموصول في «ما لا يعلمون» سواء كان منشأ الشك في الحكم فقد الحجة أم الأمور الخارجية حتى يشمل الشبهات الحكمية والموضوعية معا ، أو إرادة ما يعم كلتا الشبهتين ، بأن يقال : رفع الموضوع الكلي فيما لا يعلمون أعم من رفعه بعنوانه الأولي الذاتي كشرب التتن ، ومن رفعه بعنوانه الثانوي الناشئ عن احتمال انطباقه على الموجود الخارجي كالخمر المحتمل انطباقه على المائع المردد بين الخمر والخل ، فان المرفوع حينئذ هو شرب الخمر المحتمل الانطباق على هذا المائع ، لا الخمر بعنوانه الأولي.
وبالجملة : فالموضوع الكلي المجهول مرفوع شرعا سواء أكان بعنوانه الأولي أم الثانوي ، ويسمى الأول بالشبهة الحكمية والثاني بالشبهة الموضوعية ومع