.................................................................................................
______________________________________________________
أم حرمة ، فالمكلف في سعة منه ما دام لا يعلم به ، فإذا علم به خرج عن هذه السعة ، فالمأخوذ غاية لهذه السعة هو العلم بخصوص ذلك الحكم الواقعي المجهول الّذي كان في الجهل به سعة على المكلف ، إذ لا معنى لجعل العلم المطلق أو المهمل ـ أي العلم بشيء ما ـ غاية للسعة. وعليه فالحديث وان لم يذكر فيه ضمير لفظا ، لكنه مقدر قطعا راجع إلى ما يستفاد من الحديث ـ بدلالة الاقتضاء ـ من الحكم الواقعي المجهول الّذي جعل العلم به غاية للسعة.
هذا غاية توضيح ما أفاده المصنف من فقه الحديث بناء على جعل «ما» ظرفية. لكن مقتضى ما ذكر في المتن من لفظ الحديث سوق تفسيره هكذا : «فهم في سعة ما لا يعلمونه ، أو في سعة ما داموا لا يعلمون شيئا أي حكما من الوجوب أو الحرمة».
وكيف كان ، فالمتحصل من فقه الحديث تمامية الاستدلال به على البراءة في الشبهات الوجوبية والتحريمية ، لدلالته على السعة فيهما ما دام الشك باقيا مهما كان منشؤه ، ولا يرفع هذه السعة إلّا العلم بخصوص ذلك الحكم الواقعي المجهول الّذي جعل العلم به غاية للسعة ، وحينئذ فلو علمنا بوجوب الاحتياط لم يكن هذا العلم رافعا للسعة ، لعدم حصول العلم بنفس الحكم المجهول من مجرد العلم بإيجاب الاحتياط ، فيقع التعارض بين حديث السعة وأدلة الاحتياط ، لكنه يندفع بما سيأتي إن شاء الله تعالى. قال شيخنا الأعظم : «فان كلمة ـ ما ـ اما موصول أضيف إليها السعة ، واما مصدرية ظرفية ، وعلى التقديرين يثبت المطلوب».
__________________
أقف على هذا النص بعد الفحص عنه في مظانه ، بل نقل في كتب الأصحاب بألفاظ أخرى ، ففي القوانين : «الناس في سعة مما لم يعلموا» وفي ثالثة مقدمات الحدائق : «الناس في سعة ما لم يعلموا» وهو محكي الضوابط والمناهج أيضا