فهم في سعة (١) ما لم يعلم ، أو ما دام لم يعلم (٢) وجوبه أو حرمته ، ومن الواضح (٣) أنه لو كان الاحتياط واجبا لما كانوا في سعة أصلا ،
______________________________________________________
(١) بالإضافة إلى الموصول ، وقد تقدم تقريبه بقولنا : أما على الأول ... إلخ.
(٢) بناء على قراءة «سعة» بالتنوين وجعل «ما» ظرفية ، وقد تقدم تقريبه أيضا بقولنا : وأما على الثاني ... إلخ.
(٣) هذا تتميم للاستدلال بالحديث على المدعى ، يعني : أن حديث السعة ينفي وجوب الاحتياط المدلول عليه بمثل قوله عليهالسلام : «أخوك دينك فاحتط لدينك» لظهوره في الترخيص من ناحية الإلزام المجهول ، فهو معارض لأدلة الاحتياط ، ولا وجه لتقديم أدلته على هذا الحديث ورودا أو حكومة
__________________
الحديث غير ظاهر ، بل هما متعارضان ، فيعامل معهما معاملة التعارض ، لما عرفت من وحدة موضوعهما وهو الحكم الإلزامي المحتمل ، ولا تقدم لأحدهما على الآخر ، ومجرد العلم بوجوب الاحتياط لا يوجب تقدمه على الحديث بعد ما كان صريحا في التوسعة والترخيص في الشبهة.
وما أفيد في توجيه الورود من قوله : «فالتكليف الواقعي وان كان مما لا يعلم ، إلّا أن التكليف الفعلي بعنوان آخر معلوم ، فإذا علم ولو بعنوان من العناوين الطارية خرج عن كونه مما لا يعلمون ، فيكون دليل الاحتياط الموجب للعلم بالتكليف بعنوان آخر رافعا لموضوع دليل البراءة حقيقة» غير مفيد ، إذ موضوع التكليف الفعلي الظاهري الاحتياطي هو المشتبه ، وهذا بنفسه موضوع أيضا للسعة ، والعلم بوجوب الاحتياط لا يجعل المجهول معلوما.
وأما التزامنا بالورود على القول بالوجوب الطريقي ، فلتنجز الواقع بالأمر بالاحتياط ، ووصوله إلى المكلف بعنوان عرضي ، وهو يكفي في رفع موضوع دليل البراءة ، إذ الواصل هو الواقع وان كان بلباس آخر أعني إيجاب الاحتياط.