التكليف المجهول بعد الفحص واليأس عن الظفر بما كان
______________________________________________________
توضيحه : أنه لا ريب في أن التكليف بوجوده الواقعي لا يكون محرِّكا للعبد بعثا أو زجرا ، بل الانبعاث نحو الفعل والانزجار عنه انما هما من آثار التكليف المنجز ، وهو مدار الإطاعة والمعصية الحقيقيّتين ، إذ من الواضح أن الإنشاء الواقعي غير مؤثر في انقداح الداعي في العبد وقاصر عن تحريكه ، فلا يكون مخالفة التكليف غير الواصل موجبا لاستحقاق العقاب ، لعدم كونه هتكا للمولى ولا ظلما عليه ولا خروجا عن زي العبودية ، فلا تصح المؤاخذة مع عدم وصوله إلى العبد ، لعدم استناد فوت غرض المولى إلى تقصيره ، بل مستند إلى عدم البيان أو عدم تماميته ، فلو عاقبه المولى والحالة هذه اندرجت معاقبته له في الظلم الّذي لا شك في قبحه عقلا بناء على ما هو الحق من القول بالتحسين والتقبيح العقليين. ولا فرق في استقلال العقل بقبح العقاب هنا بين عدم بيان المولى للتكليف أصلا لعدم وصول إرادته الآمرية إلى مرتبة الفعلية ، وبين عدم وصول البيان إلى العبد واختفائه عليه بعد الفحص عنه في مظانه بقدر وسعه. نعم إذا كان غرضه بمثابة من الأهمية كان عليه إيجاب الاحتياط تتميما لقصور محركية الخطاب الأولي عنه. وعليه ، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان بنفسها تامة ومما يستقل بها العقل العملي ، وسيأتي التعرض للنسبة بينها وبين قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.
__________________
الحكمية وعدم جريانها في الموضوع المشتبه بين موضوعين معلومي الحكم ، حيث ان بيانه خارج عن وظيفته وانما هو وظيفة العرف ، وهذا هو الفارق بين الشبهة الحكمية والموضوعية ، ولا بأس بنقل كلامه المتضمن لأولوية تقرير القاعدة هكذا لتشمل كلتا الشبهتين : «قبح المؤاخذة على ما لا طريق للمكلف إلى العلم به بإرشاد عقله أو دلالة الشرع ، فالمراد بالبيان في المقام هو مطلق طريق