ومراجعة ديدن العقلاء من أهل الملل والأديان ، حيث انهم لا يحترزون مما [عما] لا تؤمن مفسدته ، ولا يعاملون معه (١) معاملة ما علم مفسدته ، كيف (٢) وقد أذن الشارع بالإقدام عليه ، ولا يكاد يأذن بارتكاب القبيح ، فتأمل (٣).
______________________________________________________
صدور القبيح عن الحكيم تعالى ، فصدور الاذن فيه منه تعالى يشهد بعدم قبحه ، فلا أصل للقاعدة المذكورة.
(١) أي : مع ما لا تؤمن مفسدته.
(٢) يعني : كيف يكون الإقدام على محتمل المفسدة قبيحا؟ والحال أن الشارع قد أذن في الإقدام عليه ، مع قضاء الضرورة بامتناع صدور الاذن في ارتكاب القبيح منه.
(٣) لعله إشارة إلى : أن اذن الشارع في ارتكاب محتمل المفسدة لا يكون شاهدا على عدم قبح ارتكابه ، إذ من الممكن اذنه في ارتكاب محتمل المفسدة مع بقائه على قبحه ، غاية الأمر أن اذنه فيه سبب لتدارك قبحه ولو بالمصلحة التسهيلية أو كاشف عن وجود المزاحم الأهم أو المساوي.
أو إشارة إلى : أن التخلص بإذن الشارع في الشبهة الموضوعية عن قبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته يُخرجنا عن التمسك بالدليل العقلي على البراءة ويُحوِجنا في الجواب عن تلك القاعدة إلى الترخيص الشرعي.
أو إشارة إلى : منع الصغرى المتقدم بقوله : «مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا يلازم احتمال المضرة» وأن غير المؤاخذة من المفاسد ـ التي هي مناطات النواهي الشرعية ـ ليست من المضار الدنيوية التي لا يحكم العقل بلزوم الاحتراز عنها ، بل لو اطلع عليها العقل ـ كما إذا أعلمه الشارع بها ـ حكم بوجوب الاجتناب عنها أيضا كالضرر الأخروي بناء على الملازمة بين حكمي العقل والشرع.