.................................................................................................
______________________________________________________
وكذا قوله عليهالسلام في خبر التثليث : «فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات» فان الشبهة الموضوعية التي تجري فيها أدلة البراءة ليست قسما رابعا ، لأن ظاهر الحديث حصر الأمور في ثلاثة أقسام : الحلال البيِّن والحرام البيِّن والشبهات ، ولا شك في اندراج الشبهة الموضوعية في القسم الثالث ، ومقتضاه الاحتياط فيها ، وقد التزم الكل بالبراءة فيها ، مع أنها ليست من الحلال البيِّن قطعا ، فلا يقال : «ومن ترك الشبهات إلّا الموضوعية نجا من المحرمات» لأن مقتضى الحصر الاقتصار على الحلال البيِّن فقط ، ولا مفرّ من هذا المحذور غير الحمل على الإرشاد.
وهذه القرينة ذكرها شيخنا الأعظم في الجواب عن أخبار التثليث.
الثالثة : ما أفاده الشيخ في إثبات أن الأمر بالاحتياط في خبر التثليث للإرشاد. وتوضيحه : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم رتّب على ارتكاب الشبهات الوقوع في المحرمات والهلاك من حيث لا يعلم ، والمراد من الشبهة هنا جنسها لا استغراق أفرادها ، يعني : أن من ارتكب الشبهات ولو فردا واحدا منها يوشك أن يقع في المحرمات ويهلك من حيث لا يعلم ، لا أن مرتكب جميع الشبهات يقع في المحرمات ويهلك ، وذلك لأن الإمام عليهالسلام في مقام بيان ما تردد بين الحلال والحرام والأمر بترك الخبر الشاذ الّذي ليس بمشهور ، لا في مقام التحذير عن ارتكاب المجموع ، والمراد بالوقوع في المحرمات والهلاك من حيث لا يعلم الاشراف عليهما والمعرضية لهما بسبب ارتكاب الشبهات ، لا الوقوع والهلاك الفعليان ، وهما ـ يعني الاشراف والمعرضية ـ معنى مجازي للوقوع والهلكة ، والاشراف على الهلكة وان كان يترتب على ارتكاب الشبهة ، لكن لا دليل على حرمته قبل العلم به ، فلا بد من حمل الطلب على الإرشاد.