.................................................................................................
______________________________________________________
وذلك لأن موضوعها هو الشيء ـ كاللحم فيما نحن فيه ـ بوصف أنه مشكوك الحكم ، فإذا جرى الأصل الموضوعي واندرج في غير المذكى صار معلوم الحكم ، لقيام الإجماع على حرمته حينئذ كحرمة الميتة ، فينتفي موضوع أصالة الحل وهو الجهل بحكمه ، فلا يبقى مجال لجريانها كما إذا مات حتف أنفه.
لا يقال : الميتة أمر وجودي ، لأنها عبارة عمّا مات حتف أنفه ، والمذكى أيضا أمر وجودي ، لأنه عبارة عن الحيوان الّذي زهق روحه بكيفية خاصة اعتبرها الشارع ، فهما ضدّان وجوديان ، وحرمة أكل اللحم مترتبة في قوله تعالى : «حرمت عليكم الميتة» على عنوان «الميتة» لا على عنوان «غير المذكى» وحينئذ فاستصحاب كون الحيوان غير مذكى لا يصلح لإثبات كونه ميتة حتى يترتب عليه حرمة الأكل ، لأن إثباته به يكون من إثبات أحد الضدين وهو الميتة بنفي الضد الآخر أعني المذكى ، وهو مبتن على القول بحجية الأصول المثبتة ، وسيأتي في بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى عدم حجيتها ، فيسقط استصحاب عدم التذكية ، وتصل النوبة إلى الأصل المحكوم أو المورود وهو أصالة الحل.
لأنا نقول : استصحاب عدم التذكية وان لم يصلح لإثبات كون الحيوان ميتة ، لعدم حجية الأصول المثبتة ، لكن حيث ان حرمة الأكل لم تثبت في الآية الشريفة للميتة على سبيل الحصر ، وقد ثبت الإجماع على اتحاد الميتة وغير المذكى حكما ، فالحرمة كما ثبتت في الأدلة للميتة ، كذلك ثبتت لغير المذكى أيضا ، فعنوان «غير المذكى» كعنوان «الميتة» بنفسه موضوع مستقل لحكم الشارع بالحرمة ، ومن المعلوم إمكان إحراز هذا الموضوع بأصالة عدم التذكية ، فيترتب عليه الحرمة ، فليس المقصود إثبات حرمة الميتة له ليتوجه