.................................................................................................
______________________________________________________
تمام ملاك الحكم فيه ، فتكون القضية الشرعية حينئذ قضية حقيقية ينحل الحكم المأخوذ فيها إلى أحكام عديدة حسب تعدد الموضوعات وأفراد الطبيعة ، فيكون قوله : «لا تشرب الخمر» بمنزلة قوله : لا تشرب هذا الخمر ولا تشرب ذلك الخمر وهكذا ، نظير العام الاستغراقي الّذي يكون كل فرد من أفراده بحياله موضوعا للحكم كوجوب إكرام كل فرد من أفراد العلماء المستفاد من قوله : «أكرم العلماء».
إذا عرفت هذين النحوين من تعلق النهي بالماهية ، فاعلم : أنه إذا كان تعلق النهي بها من قبيل النحو الأوّل ، فلازمه عدم جواز ارتكاب مشكوك الفردية اعتمادا على أصالة البراءة ، لأن مجراها هو الشك في التكليف ، دون الشك في المحصّل الراجع إلى الشك في الفراغ ، والمقام يكون من الثاني ، دون الأول ، إذ المفروض أن الشك ليس في نفس التكليف حتى يجري فيه البراءة ، بل الشك في الفراغ ، لتعلق النهي بالطبيعة دون الأفراد ، فترك الأفراد لازم عقلا من باب المقدمة العلمية ، لتوقف اليقين بالفراغ عن ترك الطبيعة المنهي عنها على اجتناب ما احتمل كونه فردا كترك ما علم بفرديته لها.
وإذا كان تعلق النهي بالماهية من قبيل النحو الثاني ، فلازمه جواز ارتكاب ما شك في فرديته للطبيعة المنهي عنها اعتمادا على أصالة البراءة ، لأن الشك حينئذ في ثبوت التكليف ، إذ المفروض كون كل فرد من أفراد طبيعة الخمر مثلا محكوما بحكم على حدة ، فالشك في فردية شيء للخمر يستتبع الشك قهرا في الحرمة ، فتجري فيها البراءة ، فيجوز ارتكابه ، كما يجوز ارتكاب المشتبه بناء على تعلق التكليف بنفس الطبيعة لا الأفراد فيما إذا كان مسبوقا بترك تلك الطبيعة ، فان ارتكاب المشتبه يوجب الشك في انتقاض الترك بالفعل ، فيستصحب ذلك