فأصالة (١) البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة.
فانقدح بذلك (٢) : أن مجرد العلم بتحريم شيء لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده [الأفراد] المشتبهة فيما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كل فرد على حدة (٣) أو كان (٤) الشيء مسبوقا بالترك ،
______________________________________________________
(١) جواب «وحيث» يعني : فتجري البراءة في المائع المشكوك كونه خمرا ، ووجه جريانها فيه ما تقدم من أن الشك حينئذ في أصل التكليف ، ومن المعلوم أن الأصل الجاري فيه هو البراءة ، بخلاف النحو الأوّل ، فان الشك في الفرد المشتبه فيه يرجع إلى الشك في الفراغ والسقوط دون الشك في ثبوت التكليف ، فلذا لا تجري فيه البراءة.
(٢) يعني : ظهر بما ذكرناه ـ من أن تعلق النهي بالطبيعة يتصور على نحوين ـ أن مجرد العلم بحرمة شيء لا يوجب لزوم الاجتناب عما شك في فرديته له إلّا في صورة واحدة ، وهي ما إذا تعلق النهي بالطبيعة ولم تكن مسبوقة بالترك ، فيجب حينئذ ـ بقاعدة الاشتغال ـ الاجتناب عن الفرد المشتبه كوجوب الاجتناب عن الفرد المعلوم. وأما إذا تعلق النهي بالأفراد أو بالطبيعة مع سبق الترك فلا بأس بارتكاب المشتبه. أما الأوّل فلأصالة البراءة. وأما الثاني فلإحراز ترك الطبيعة مع الإتيان بالمشتبه بالاستصحاب. ولا فرق في لزوم إحراز ترك الطبيعة بين إحرازه بالوجدان أو بالتعبد كما مرّ في أوائل التنبيه الثالث. فقول المصنف : «فانقدح بذلك» إشارة إلى ضعف ما أفاده الشيخ من جريان البراءة في الشبهات الموضوعية التحريمية مطلقا ، بل لا بد من التفصيل الّذي ذكرناه.
(٣) كما هو مفاد القضية السالبة المحصلة ، و «فيما كان» متعلق بـ «لا يوجب».
(٤) كما هو مفاد تعلق النهي بالطبيعة على نحو القضية المعدولة مع سبق الطبيعة بالترك.