.................................................................................................
______________________________________________________
ثالثها : التخيير الظاهري بين الفعل والترك شرعا بمعنى لزوم الأخذ بأحد الاحتمالين تخييرا. والوجه فيه قياس المقام بباب الخبرين المتعارضين ، حيث ان أحدهما حجة تخييرية في حق المكلف ، فيجب عليه الالتزام إما بالخبر الآمر فعليه الفعل وإمّا بالخبر الناهي فعليه الترك ، وهذا مفاد قوله عليهالسلام في بعض أخبار التخيير : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» وفي المقام أيضا يكون مخيرا بين الأخذ باحتمال الوجوب المقتضي للفعل والأخذ باحتمال الحرمة المقتضي للترك.
ومنه يظهر أن وجوب الأخذ بأحدهما معين في حقه ، فهو من قبيل وجوب الأخذ بأحد الواجبين ، وأن ما أخذ به منهما كان حجة ، فلا يجوز له الرجوع إلى الإباحة ، للعلم بمخالفتها للإلزام المعلوم إجمالا الدائر بين الوجوب والحرمة. وهذا هو المراد بأصالة التخيير في مسألة الدوران بين المحذورين ، فانها عبارة عن الأصل الشرعي المجعول وظيفة حال الشك في الوجوب والحرمة ، الّذي عدّ في ضبط مجاري الأصول من الأصول الأربعة.
رابعها : التخيير في العمل بين الفعل والترك عقلا الثابت للعبد تكوينا والتوقف في الحكم شرعا بمعنى عدم الحكم عليه بشيء من التخيير أو الإباحة أو البراءة لا ظاهرا ولا واقعا ، قال الشيخ الأعظم (قده) في أوائل هذه المسألة عند عدّ الأقوال فيها : «والتوقف بمعنى عدم الحكم بشيء لا ظاهرا ولا واقعا ، ومرجعه إلى إلغاء الشارع لكلا الاحتمالين ، فلا حرج في الفعل ولا في الترك بحكم العقل وإلّا لزم الترجيح بلا مرجح» والدليل على هذا الوجه : أن الموافقة القطعية متعذرة في المقام كالمخالفة كذلك ، والموافقة الاحتمالية حاصلة كالمخالفة الاحتمالية ، وحيث لا ترجيح لأحد الاحتمالين على الآخر ، فيستقل العقل بالتخيير بمعنى