.................................................................................................
______________________________________________________
توضيح الاستدلال به ينبغي التنبيه على أمر ، وهو : أن مراد المصنف بقوله : «مثل» هو سائر الروايات التي تصلح لإثبات قاعدة الحل ، وليس غرضه منه أخبار البراءة كحديثي الرفع والحجب ونحوهما ، وذلك لأن مدلول حديثي الرفع مطابقة نفي التكليف الإلزامي ، على ما اختاره المصنف في أول البراءة بقوله : «فالإلزام المجهول مرفوع فعلا» فليس الحلّ الظاهري مدلول المطابقي ، بل ولا مدلوله الالتزامي أيضا ، إذ مدلوله الالتزامي ليس إلّا الترخيص الّذي هو أعم من الإباحة بالمعنى الأخص التي هي المطلوبة ، فأخبار البراءة تثبت التزاما ما هو أعم من الإباحة المقصودة.
وبالجملة : ففرق بين أصالتي البراءة والحل ، إذ مدلول الأولى نفي التكليف الإلزامي في مرحلة الظاهر المستلزم للترخيص عقلا ، ومدلول الثانية حكم شرعي ظاهري.
والشاهد على ما ذكرناه من الفرق بينهما هو : أن المصنف جعل الوجوه والأقوال في المسألة خمسة ـ لا أربعة كما صنعه شيخنا الأعظم ـ وعدّ أوّلها الحكم بالبراءة عقلا ونقلا ، ولكنه لم يرتض ذلك واختار الوجه الخامس ، ولو كان مفاد أصالتي البراءة الشرعية والحلّ واحدا لم يكن وجه لعدّهما قولين. نعم جمع شيخنا الأعظم بينهما كما يظهر من الجمع في الاستدلال على الإباحة الظاهرية بين أخبار البراءة والحل ، حيث قال : «فقد يقال في المقام بالإباحة ظاهرا ، لعموم أدلة الإباحة الظاهرية ، مثل قولهم : كل شيء لك حلال ، وقولهم : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ، فان كلّا من الوجوب والحرمة قد حجب علمه عن العباد وغير ذلك من أدلته».
وكيف كان ، فالاستدلال بحديث الحلّ على إباحة ما دار أمره بين الوجوب