ولو جاء على الفصيح لقال : يلومني. وكذلك قوله [من السريع] :
٦٤ ـ ألفيتا عيناك عند القفا |
|
أولى فأولى لك ذا واقيه |
ولو جاء على الفصيح لقال : ألفيت.
وللنحويين في ذلك ثلاثة مذاهب :
منهم من يجعل اللاحق علامة لتثنية الفاعل وجمعه كما تقدم.
ومنهم من يجعله ضميرا فاعلا وما بعده مبتدأ والجملة المتقدمة في موضع الخبر.
ومنهم من جعل ما بعده بدلا منه.
والصحيح أنّ اللاحق علامة ، إذ لو كان ضميرا لم يكن لثباته وجه ولتكلم به جميع العرب ، فإن قيل : قلّ المجيء بعلامة التثنية والجمع ، وهلا كان ذلك بمنزلة علامة التأنيث؟ فالجواب : إنّ التأنيث لما كان لازما الفاعل ، لزمت علامته ، والتثنية والجمع لما كانا غير لازمين للفاعل ؛ إذ قد يفرد ، لم تلزم علامتهما.
______________________
ـ وجملة «يلومونني» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «كلهم يعذل» استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «يعذل» في محل رفع خبر المبتدأ «كلهم».
الشاهد في قوله : «يلومونني ... أهلي» حيث ألحق واو الجماعة بالفعل المسند إلى الفاعل الظاهر على لغة بني الحارث بن كعب. والقياس «يلومني أهلي».
٦٤ ـ التخريج : البيت لعمرو بن ملقط في تخليص الشواهد ص ٤٧٤ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢١ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٧٥ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٣١ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٥٨ ؛ ونوادر أبي زيد ص ٦٢ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٩ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧١٨ ؛ وشرح المفصّل ٣ / ٨٨ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٧ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٣٧١.
شرح المفردات : ألفى الشيء : وجده. القفا : مؤخّرة العنق. أولى لك : دعاء بالشرّ والتهديد.
المعنى : يقول هاجيا رجلا جبانا : لقد وجدت عيناك وكأنّهما على قفاك لكثرة تلفّتك إلى الوراء ، فكن حذرا ، فالوقاية خير ملاذ وخير وسيلة للنجاة.
الإعراب : «ألفيتا» : فعل ماض للمجهول ، والتاء للتأنيث ، والألف حرف للمثنّى. «عيناك» : نائب فاعل مرفوع بالألف ، وهو مضاف ، والكاف في محلّ جرّ بالإضافة. «عند» : ظرف مكان منصوب متعلّق بـ «ألفيتا» ، وهو مضاف. «القفا» : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة. «أولى» : خبر مقدم مرفوع. «فأولى» : الفاء حرف عطف ، «أولى» : معطوف على «أولى» السابقة. «لك» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أولى» وقيل : «أولى» اسم فعل بمعنى «قارب» أي المكروه. «ذا» : حال من الكاف في «عيناك» منصوب بالألف لأنّه من الأسماء الستّة ، وهو مضاف. «واقية» : مضاف إليه مجرور. ـ