وكذلك : «مررت بامرأة أسد» ، ولا تقول : «حجرة الرأس» ، قال الشاعر [من الرجز] :
١٠٠ ـ ئبرة العرقوب إشفى المرفق
فقال : «إشفى» ولم يقل : إشفاة ، وهو من صفات المؤنث. ما عدا «أيّا» فإنّها تفرد وتذكر على كل حال ، ولا تثنى ولا تجمع ولا يلزم تأنيثها ، فتتبع في اثنين من خمسة ، واحد من وجوه الإعراب والتنكير.
وما عدا «مثلا» ، فإنها تذكر على كلّ حال ، فتكون كـ «أيّ» ، وقد تفرد على كل حال. وقد يجوز جمعها وتثنيتها ، وأما إذا كانت غير مضافة فيلزم تثنيتها وجمعها ، نحو : «مررت برجلين مثلين وبرجال أمثال».
والوصف بالمصدر ـ عندنا ـ من قبيل ما هو في حكم المشتق ، وله في الوصف طريقان : أحدهما : أن تريد المبالغة ، والثاني : أن لا تريدها.
فإن لم ترد المبالغة فهو ـ عندنا ـ على حذف مضاف ، نحو : «مررت برجل عدل» ، تريد : ذي عدل.
فإن أردت المبالغة فعلى جعل الموصوف هو المصدر مجازا لكثرة وقوعه منه ، نحو : «مررت برجل ضرب» ، تريد أنّ الرجل نفسه هو الضرب لكثرة وقوعه منه ، ونظير هذا قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (١). فجعل الإنسان من العجل لكثرة وقوعه منه ، خلافا لأهل الكوفة ، فإنّهم يزعمون أنّ المصدر وقع موقع الصفة ، فيجعلون «ضربا» و «عدلا»
______________________
١٠٠ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في الخصائص ٢ / ٢٢١ ، ٣ / ١٩٥ ؛ والممتع في التصريف ١ / ٧٤.
اللغة : المئبرة : موضع الإبر ، وما رقّ من الرّمل. العرقوب : عصب غليظ فوق عقب الإنسان. المرفق : موصل الذراع في العضد. الإشفى : المثقب.
المعنى : إنها امرأة عجفاء ، ضئيلة الحجم ، رفيعة العرقوب والمرفق حتى لكأن عرقوبها إبرة ، ومرفقها مثقب.
الإعراب : مئبرة : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي (أو سابق) مرفوع بالضمّة. العرقوب : مضاف إليه مجرور بالكسرة. إشفى : خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره (هي) مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف. المرفق : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
والشاهد فيه قوله : «إشفى المرفق» حيث ذكّر الصفة (إشفى) ، ولم يؤنّثها ، والوصف لامرأة.
(١) الأنبياء : ٣٧.