فأجاب «أم» من قوله : «أذو زوجة أم ذو خصومة» ، وهي المتصّلة بقوله : لا ، وهي متصلة ، ألا ترى أنّها قد تقدمها همزة الاستفهام وما بعدها مفرد؟
فالجواب : إنّ قوله : «لا» ، جواب لاعتقادها ، وذلك أنها لم تسأل بـ «أم» المتصلة إلّا بعد ما قطعت في ظنّها أنّه إما ذو زوجة وإما ذو خصومة ، فأجابها عن ذلك بـ «لا» ، كأنّه قال : «لست ذا زوجة ولا ذا خصومة». ولو كان سؤالها بـ «أم» سؤالا صحيحا ، لم يكن الجواب إلّا بأن يقول : «ذو زوجة أو ذو خصومة».
فإن قال قائل : فلعل «أم» هذه منفصلة ، ويكون «ذو خصومة» خبر ابتداء مضمر ، كأنه قال : أم أنت ذو خصومة ، فيكون ما بعدها جملة ولذلك أجاب بـ «لا». فالجواب : أنّ أم المنفصلة إنّما يجاب ما بعدها خاصة لأنّ ما قبلها مضرب عنه ، فلا يحتاج إلى جواب ، وهو هنا قد أجاب عن قولها : أذو زوجة؟ وعن قولها : أم ذو خصومة؟ فنفى أن يكون «ذا زوجة» بالمصر بقوله : إنّ أهلي جيرة لأكثبة الدهنا ، ونفى أن يكون «ذا خصومة» بقوله [من الطويل] :
وما كنت مذ أبصرتني في خصومة |
|
[أراجع فيها يا ابنة الخير قاضيا] |
فلم يبق إلا أن يكون محمولا على ما ذكرنا.
والأحسن في «أم» المتصلة أن توسط ما لا تسأل عنه وتؤخّر أحد المسؤولين عنهما ، وتقدم الآخر ، فتقول : «أزيد قام أم عمرو»؟ فتوسط «قام» لأنّك لا تسأل عنه. وقد يجوز
______________________
ـ وما : «الواو» : للعطف ، «ما» : نافية لا عمل لها. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسمها. مذ : ظرف زمان في محلّ نصب مفعول فيه متعلق بالفعل (كنت). أبصرتني : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. في خصومة : جار ومجرور متعلّقان بخبر (كنت). أراجع : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). فيها : جار ومجرور متعلّقان بـ (أراجع). يا ابنة : «يا» : حرف نداء ، «ابنة» : منادى مضاف منصوب بالفتحة. الخير : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قاضيا : مفعول به منصوب بالفتحة.
وجملة «كنت» : معطوفة على جملة «إن أهلي» في محلّ نصب. وجملة «أبصرتني» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «أراجع» : في محلّ جرّ صفة لـ (خصومة).
والشاهد في الأبيات قوله : «أذو زوجة ، أم ذو خصومة ... لا» حيث يكون الجواب على (أم) بالإيجاب ، لا بـ (نعم) ، ولا بـ (لا) ، و (لا) هنا هي جواب لاعتقاد المرأة.