ولا يجوز تأكيد الاسم إذا كان معنى الكلام يغني عن التأكيد ، فتقول : «قام الزيدان كلاهما» ، لأنّه قد يجوز أن تقول : «قام الزيدان» ، وإنّما قام أحدهما. قال الله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (١) ، وإنّما يخرج من أحدهما. وقال تعالى : (نَسِيا حُوتَهُما) (٢). وإنّما الناسي الفتى ، بدليل قوله : (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) (٣). فإذا قلت : «قام الزيدان كلاهما» أفاد التأكيد العموم والإحاطة ، ولا تقول : «اختصم الزيدان كلاهما» ، إذ لا يتصوّر أن يختصم الزيدان وأنت تعني أحدهما ، لأنّ الاختصام لا يتصور من واحد.
وأبو الحسن يجيز ذلك ويجعله بمنزلة التأكيد بعد التأكيد ، وذلك فاسد لأنّك إذا قلت : «قام الزيدون كلّهم» ، جاز أن تعني بذلك البعض وأكّدت بـ «كلّ» مبالغة ، فإذا قلت : «أجمعون» ، أزال ذلك الاحتمال.
وكذلك ما بقي من ألفاظ التأكيد قد يتطرق الاحتمال إليه تطرّقا ضعيفا ، فإذا استوفيت ألفاظ التأكيد حينئذ ، زال ذلك الاحتمال ، وعلم أنّ المقصود العموم. وإذا قلت : «اختصم الزيدان كلاهما» ، لم يتطرق الاحتمال أصلا إلى أنّ المراد أحدهما فهذا فرق ما بينهما.
ولا يجوز تأكيد ما ليس بمقصود للمخبر من الكلام ، نحو قولك : «ضربت عبد الزيدين كليهما». لا يجوز ذلك لأنّك لم تقصد الإخبار عن الزيدين فلو أكدتهما لكنت كالمتناقض ، لأنّك من حيث أكدت ينبغي أن تكون قاصدا نحوهما ، ومن حيث لم تنو الإخبار عنهما لم يكونا مقصودين ، فلذلك لم يجز تأكيده.
______________________
(١) الرحمن : ٢٢.
(٢) الكهف : ٦١.
(٣) الكهف : ٦٣.