البدل ساغ إبدال المعرفة من النكرة. ويكون الشذوذ إذ ذاك في استعمال «أجمع» و «أكتع» في غير باب التوكيد ، ولا يقاس على شيء من ذلك. فإذا تبيّن أنّ «أجمع» و «أكتع» قد يستعملان في غير التأكيد ساغ لنا إذ ذاك أن نجعل «أجمع» من قوله : «باد إلى الشمس أجمع» (١) بدلا من الضمير في «باد» ، لا تأكيدا.
وما بقي من الأسماء المعارف فإنّه يجوز تأكيده من غير شرط إلا ضمير الرفع المتّصل فإنّه لا يؤكد بالنفس والعين إلّا بعد تأكيده بضمير رفع منفصل ، نحو قولك : «قمت أنت نفسك» ، و «قمتم أنتم أنفسكم» ، و «زيد قام هو نفسه» ، ولا يجوز أن تقول : «قمتم أنفسكم» ، ولا «قمت نفسك» ، ولا «زيد قام نفسه».
فإن أكّدت بـ «كلّ» وما في معناها ، لم تحتج إلى التأكيد بضمير الرفع المنفصل فقلت : «قمتم كلّكم أجمعون» ، و «قمتما كلاكما». والسبب في ذلك أنّ النفس والعين يستعملان يليان العامل ، فلو لم تأكّد إذا أردت التأكيد بهما ـ بضمير الرفع المنفصل لأدّى ذلك إلى التباس في بعض المواضع ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «زيد قبض نفسه» ، و «هند ذهبت نفسها» ، احتمل أن يكون «النفس» تأكيدا للضمير في «قبض» وفي «ذهبت» ، وأن يكون مرفوعا بهما ، فإذا أكّدت بالضمير المنفصل ، قلت : «قبض هو نفسه» ، و «ذهبت هي نفسها» ارتفع اللبس ، ثم حمل ما ليس فيه لبس في نحو : «قمت أنت نفسك» ، على ما فيه لبس.
وأمّا «أجمع» فلا تستعمل أبدا تلي العامل ، فإذا قلت : «المال قبض أجمع» ، و «الدار انهدمت جمعاء» ، علم أنّ «أجمع» و «جمعاء» تأكيدان لا مرفوعان بـ «قبض» و «انهدمت».
وأما «كلّ» فلم تحتج معها إلى أنّ تؤكد بالضمير المنفصل لأنّ ولايتها للعامل ضعيفة ولأنها بمنزلة «أجمع» في العموم ، فلمّا كانت في معناها حملت عليها.
______________________
(١) تقدم بالشاهد رقم ١٧٢ ، والرواية فيه : «وسائره باد إلى الشمس أكتع».