وبدل النسيان : أن تبدل لفظا من لفظ بشرط أن يكون ذكر الأول على جهة النسيان ، ومثال ذلك أن تقول : «مررت بزيد حمار» ، وذلك أن تكون قد توهمت أنّ الممرور به زيد ، ثم تذكرت بعد أنّ الممرور به حمار وأتيت به على جهة البدل.
والأحسن في مثل هذا أن تأتي بـ «بل» فنشعر بالإضراب عن الأول لئلّا يتوهّم في ذلك أنّك قصدت الصفة ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «رأيت رجلا حمارا أو ثورا» أمكن أن تتوهّم أنّك رأيت رجلا جاهلا أو بليدا.
ومن النحويين من زعم أنّ ذلك قد ورد في كلامهم ، واستدلّ على ذلك بقول ذي الرمة [من البسيط] :
١٨٣ ـ لمياء في شفتيها حوّة لعس |
|
وفي اللّثاث وفي أنيابها شنب |
فقال : الحوّة السواد الخالص ، واللعس سواد يضرب إلى الحمرة ، فإبداله «اللّعس» من «الحوّة» على جهة الغلط.
ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون اللعس صفة للحوّة كأنّه قال : حوّة لعساء ، أي : حوّة مشوبة بحمرة ، كما قالوا : «رجل عدل» ، يريدون عادل ، فيكون من باب الوصف بالمصدر.
______________________
١٨٣ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ديوانه ص ٣٢ ؛ والخصائص ٣ / ٢٩١ ؛ والدرر ٦ / ٥٦ ؛ ولسان العرب ١ / ٥٠٧ (شنب) ، ٦ / ٢٠٧ (لعس) ، ١٤ / ٢٠٧ (حوا) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٣ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٢٦.
اللغة : اللمياء : التي في شفتيها سمرة. الحوّة : الحمرة المائلة إلى السواد في الشفة. اللعس : السمرة في باطن الشفة. اللثاث : ج اللّثة ، وهي ما حول الأسنان من اللحم. الشنب : صفاء الأسنان.
الإعراب : لمياء : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «هي». في شفتيها : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. حوّة : مبتدأ مؤخّر مرفوع. لعس : بدل من «حوّة» مرفوع. وفي اللثاث : «الواو» حرف عطف ، و «في اللثاث» : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر. وفي أنيابها : جار ومجرور معطوفان على «في اللثاث» وهو مضاف ، و «ها» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. شنب : مبتدأ مؤخّر مرفوع.
وجملة «هي لمياء» : ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «في شفتيها حوّة» : في محلّ رفع نعت «لمياء». وجملة «في أنيابها شنب» : معطوفة على سابقتها.
الشاهد فيه قوله : «حوّة لعس» حيث وقعت «لعس» بدل غلط من «حوّة».