إلّا أن يسمع ذلك من العرب فيتوقّف عنده ، ولا تتعداه ، فيكون إذ ذاك ممّا وقع فيه لفظ الجمع على الاثنين ، وإن لم يكن من باب ما الشيئان فيه من شيئين ، نحو : «قطعت رؤوس الكبشين» ، لأن وقوع لفظ الجمع على الاثنين في هذا الباب مقيس ، بل يكون إذ ذاك نظير قولهم : «رجل عظيم المناكب» ، وإن لم يكن له إلّا منكبان ، وعليه يحمل قول النابغة [من الطويل]
١٩٤ ـ توهمت آيات لها فعرفتها |
|
لستّة أعوام وذا العام سابع |
رماد ككحل العين لأيا أبينه |
|
ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع |
فإنّه روي برفع «رماد» و «نؤي» ونصبهما.
واعلم أنّ كلّ شيء يبدل منه فلا يخلو أن يكون له لفظ وموضع أو لا ، وقد تقدم ما له ـ من الأسماء ـ موضع خلاف لفظه في باب العطف. فإن لم يكن له موضع خلاف لفظه فالإتباع ليس إلّا ، نحو : «قام زيد أخوك» ، و «رأيت زيدا أخاك» ، وإن كان له موضع خلاف لفظه جاز البدل على اللفظ والموضع ، نحو : «يعجبني ضرب زيد أخوك عمرا» ، على الموضع ، و «أخيك» على اللفظ ، إلّا في موضعين فإنّه لا يجوز البدل منهما إلّا على الموضع خاصة.
______________________
١٩٤ ـ التخريج : البيتان للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٣١ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٤٥٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٤٧ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١١٣ ؛ والكتاب ٢ / ٨٦ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٦٩ (عشر) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠٦ ، ٤ / ٤٨٢ ؛ وبلا نسبة في شرح التصريح ٢ / ٢٧٦ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٠٨ ؛ والمقتضب ٤ / ٣٢٢ ؛ والمقرب ١ / ١٤٧.
شرح المفردات : الآيات : ج الآية ، وهي العلامة. توهّمت : تصوّرت ، تخيّلت.
المعنى : يقول : إنني تخيّلت معالم الدار فعرفتها بعد غياب دام سبع سنوات تقريبا.
الإعراب : «توهّمت» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. «آيات» : مفعول به منصوب بالكسرة لأنّه جمع مؤنث سالم. «لها» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ «آيات». «فعرفتها» : الفاء حرف عطف ، «عرفتها» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل ، و «ها» : في محلّ نصب مفعول به. «لستة» : جار ومجرور متعلّقان بـ «توهمت» ، وهو مضاف. «أعوام» : مضاف إليه مجرور. «وذا» : الواو حرف استئناف ، «ذا» اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ. «العام» : بدل من «ذا» مرفوع. «سابع» : خبر المبتدأ مرفوع ...
وجملة : «توهّمت ...» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «عرفتها» معطوفة على جملة «توهمت» فهي مثلها لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «ذا العام سابع» استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله : «رماد ... ونؤي» حيث روي البيت بنصبهما على البدل من «آيات» وبرفعهما على الخبريّة لمبتدأ محذوف.