لا يجوز ؛ فأما قول زياد الأعجم [من المتقارب] :
٢٦٥ ـ أمتها لك الخير أو أحيها |
|
كمن ليس غاد ولا رائح |
فرفع «غاديا» و «رائحا» ، فلا حجة في كلامه عند أكثر العلماء لأنّه نزل بإصطخر (١) من بلاد فارس ففسد لسانه ، فلذلك لقّب بالأعجم ، وكثيرا ما يوجد اللحن في شعره.
هذا ما لم يكن الموضع موضع تفصيل ، فأمّا في التفصيل فيجوز ذلك ، وذلك مثل أن تقول : «كان الزيدان قائم وقاعد» ، تريد : أحدهما قائم والآخر قاعد ، أو منهما قاعد ومنهما قائم. فإنّما جاز ذلك لأنّ موضع التفصيل تقوى فيه الدلالة على الإضمار ، لأنّ معنى التفصيل يدل على أنّ المراد : أحدهما كذا والآخر كذا أو ما أشبه ذلك. وقد نصّ سيبويه على جواز ذلك ، ومما جاء من ذلك قوله [من الطويل] :
٢٦٦ ـ فأصبح من حيث التقينا شريدهم |
|
طليق ومكتوف اليدين ومزعف |
٢٦٥ ـ التخريج : البيت لزياد الأعجم في ديوانه ص ١١ ورواية الصدر فيه :
* إذا قلت : قد أقبلت أدبرت*
______________________
والشعر والشعراء ص ٤٣٧.
الإعراب : أمتها : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت) ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. لك : جار ومجرور متعلّقان بخبر مقدّم محذوف ، بتقدير (موجود لك الخير). الخير : مبتدأ مرفوع بالضمّة. أو أحيها : «أو» : حرف عطف ، «أحيها» : فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة (الياء) ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت) ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. كمن : جار ومجرور متعلّقان بحال من مفعول (أحيها). ليس : فعل ماض ناقص ، واسم «ليس» : ضمير مستتر تقديره : (هو). غاد : مبتدأ خبره محذوف. ولا : «الواو» : للعطف ، «لا» : حرف نفي. رائح : معطوف على (غاد) مرفوع بالضمّة.
وجملة «أمتها» : ابتدائيّة لا محلّ لها. وجملة «أحيها» : معطوفة عليها لا محلّ لها. وجملة «ليس غاد» : صلة الموصول لا محلّ لها ، وجملة «غاد مع خبره المحذوف» : خبر (ليس) محلها النصب ، وجملة «لك الخير» : اعتراضية.
والشاهد فيه قوله : «ليس غاد ولا رائح» حيث جاء بـ (غاد) و (رائح) مرفوعين على أن (غاد) خبر لمبتدأ محذوف ، يكون معه جملة في محلّ نصب خبر (ليس). والصواب : ليس غاديا ولا رائحا.
(١) إصطخر : مدينة بفارس (معجم البلدان ١ / ٢١١).
٢٦٦ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٩ ؛ وجمهرة أشعار العرب ص ٨٨٨ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٦ ، ٣٨ ؛ والكتاب ٢ / ١٠. ـ