وقد تكون للدلالة على انقطاع الفاعل لفعله في الزمان الذي اشتقّت من اسمه ، فتقول : «أصبح زيد» ، تريد : فعل فعلا في الصباح ، إلّا أنّ ذلك لا يكون إلّا بقرينة ، ومنه قولهم : إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنّه مصبح (١). ألا ترى أنّ المعنى : فاعلم بأنّه مقيم بالصباح لا داخل في الصباح ، لأنّه معلوم أنّ كلّ شخص داخل في الصباح ، ودلّ على الإقامة «السرى».
وأما الناقصة إذا دخلت على المبتدأ والخبر ، كان لك فيها وجهان : أحدهما أن ترفع المبتدأ على أنّه اسم لها وتنصب الخبر على أنّه خبر لها ، فتقول : «أمسى زيد قائما» ، و «أضحى زيد منطلقا» ، و «أصبح زيد ضاحكا».
والآخر أن تدخل على المبتدأ والخبر ، وتضمر فيها ضمير الأمر والشأن أو القصة.
ويبقى المبتدأ والخبر على إعرابهما ، وتكون الجملة في موضع الخبر كما كان ذلك في «كان» ، فتقول : «أمسى زيد قائم» ، و «أصبح عبد الله منطلق» ، و «أضحى عبد الله ضاحك».
وتكون هذه الأفعال في الوجهين للدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي اشتقت من اسمه ، فكأنّك قلت : «كان قيام فلان في المساء أو في الصباح أو في الضحى» ، وقد تكون بمعنى «صار» ، فلا تتعرض للزمان الذي اشتقت من اسمه «أصبح» ، فكأنّك قلت : «صار فلان قائما أو ضاحكا» ، ومن ذلك قوله [من المنسرح] :
٢٧١ ـ أصبحت لا أحمل السّلاح ولا |
|
أملك رأس البعير إن نفرا |
______________________
(١) هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في ثمار القلوب ص ٢٤٠ ؛ وجمهرة الأمثال ١ / ٢٣ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٨٠ ؛ والدرّة الفاخرة ٢ / ٣٦٥ ؛ وزهر الأكم ١ / ٧٢ ؛ وفصل المقال ص ٣٥ ، ١٠٧ ؛ وكتاب الأمثال ص ٤٧ ؛ ولسان العرب ٤ / ٢٨٨ (درر) ، ١٣ / ٣٥١ (قين) ؛ ومجمع الأمثال ١ / ٤١ ، ٢٦٦ ؛ والمستقصى ١ / ١٢٤ ؛ والوسيط في الأمثال ص ٦٠.
والسّرى : السّير ليلا. والقين : الحداد. وأصل المثل أنّ القين بالبادية يتنقّل في مياه العرب ، فيقيم بالموضع أيّاما ، فيكسد عليه عمله ، ثمّ يقول لأهل الماء : إني راحل عنكم الليلة ، وإن لم يرد ذلك ، ولكنه يشيعه ليستعمله من يريد استعماله ، فكثر ذلك من قوله حتى صار لا يصدّق وإن قال الصدق ، ذلك أنّ من عرف بالصدق جاز كذبه ، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.
٢٧١ ـ التخريج : البيت للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى ١ / ٢٥٥ ؛ وحماسة البحتري ص ٢٠١ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٣٨٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣٦ ؛ والكتاب ١ / ٨٩ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٢٥٩ (ضمن) ، ـ