ألا ترى أنّ المعنى : صار يمزّق أثوابي.
وزعم أهل الكوفة أنّ «أمسى» و «أصبح» تزادان كـ «كان» ، وحكوا : «ما أصبح أبردها وأمسى أدفأها». يعنون الدنيا ، بزيادة «أمسى» و «أصبح» بين «ما» التعجبية وخبرها.
وهذا إذا ثبت هو من القلّة بحيث لا يقاس عليه ، وهو مع ذلك خارج عن القياس لأنّ القياس في اللفظ أن لا يزاد.
وأجاز بعض النحويين زيادة «أضحى» وسائر أفعال هذا الباب إذا لم تنقص المعنى ، وزيادة كلّ فعل متعدّ من غير هذا الباب ، واستدلّ بأنّ العرب قد زادت الأفعال في نحو قوله [من البسيط] :
الآن قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب (١) |
ألا ترى أنّ المعنى : فما بك والأيّام من عجب ، ولم ترد أن تأمره بالذهاب.
وكذلك قولهم : «فلان قعد يتهكّم بعرض فلان» ، ألا ترى أنّ «قعد» هنا لا معنى لها ، وإنّما أراد أن يقول : «فلان يتهكم بعرض فلان» ، وكذلك قوله [من الوافر] :
٢٧٣ ـ على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخنزير تمرّغ في رماد |
ألا ترى أنّ المعنى : «علام يشتمني لئيم»؟ ولا فائدة لـ «قام»؟
______________________
ـ خبر «أضحى». وجملة : «يشتمني» معطوفة على «يمزق». وجملة «يبتغي ...» استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله : «أضحى يمزّق» بمعنى «صار» للدلالة على التحوّل من حال إلى حال.
(١) تقدم بالرقم ١٤٠.
٢٧٣ ـ التخريج : البيت لحسّان بن ثابت في ديوانه ص ٣٢٤ ؛ والأزهية ص ٨٦ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١٣٠ ، ٦ / ٩٩ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ؛ والدرر ٦ / ٣١٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣٤٥ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٤٩٧ (قوم) ؛ والمحتسب ٢ / ٣٤٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٤ ؛ ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٧١ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٩ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٠٤ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٧٥٨ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٩٧ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٩ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٢١٧.
اللغة : تمرّغ : تقلّب وتلطّخ.
المعنى : على أي شيء يشتمني ، هذا الدنيء القبيح كخنزير تلطّخ بالطين الآسن والرماد.
الإعراب : على ما : «على» : حرف جر ، «ما» : اسم استفهام مبني على السكون في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يشتمني). قام : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة ، و «الفاعل» : ـ